الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : في جنات يتساءلون الآيات . أخرج عبد الرزاق ، وعبد بن حميد وعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد، وابن أبي داود، وابن الأنباري معا في المصاحف، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن عمرو بن دينار قال : سمعت عبد الله بن الزبير يقرأ : ( في [ ص: 86 ] جنات يتساءلون عن المجرمين يا فلان ما سلككم في سقر ) قال عمرو : وأخبرني لقيط قال : سمعت ابن الزبير قال : سمعت عمر بن الخطاب يقرؤها كذلك .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أبو عبيد في فضائله، وابن المنذر عن ابن مسعود أنه قرأ : يا أيها الكفار ما سلككم في سقر .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الرزاق ، وعبد بن حميد ، وابن المنذر عن قتادة في قوله : وكنا نخوض مع الخائضين قال : يقولون : كلما غوى غاو غوينا معه، وفي قوله : فما تنفعهم شفاعة الشافعين قال : تعلموا أن الله يشفع المؤمنين يوم القيامة بعضهم في بعض، قال : وذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال : إن في أمتي لرجلا ليدخلن الله الجنة بشفاعته أكثر من بني تميم وقال الحسن : أكثر من ربيعة ومضر، قال : وكنا نحدث أن الشهيد يشفع في سبعين من أهل بيته .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس حتى أتانا اليقين قال : الموت .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم عن سالم قال : اليقين الموت . [ ص: 87 ] وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن مجاهد فما تنفعهم شفاعة الشافعين قال : لا تنالهم شفاعة من يشفع .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ليخرجن بشفاعتي من أهل الإيمان من النار حتى لا يبقى فيها أحد إلا أهل هذه الآية ما سلككم في سقر إلى قوله : شفاعة الشافعين .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن مردويه عن عبد الرحمن بن ميمون أن كعبا دخل يوما على عمر بن الخطاب فقال له عمر : حدثني إلى ما تنتهي شفاعة محمد يوم القيامة فقال كعب : قد أخبرك الله في القرآن إن الله يقول : ما سلككم في سقر إلى قوله : اليقين قال كعب : فيشفع يومئذ حتى يبلغ من لم يصل صلاة قط ولم يطعم مسكينا قط ولم يؤمن ببعث قط فإذا بلغت هؤلاء لم يبق أحد فيه خير .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن مردويه عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : يؤتى بأدنى أهل النار منزلة يوم القيامة فيقول الله له : تفتدي بملء الأرض ذهبا وفضة؟ فيقول : نعم [ ص: 88 ] إن قدرت عليه، فيقول : كذبت، قد كنت أسألك ما هو أيسر عليك أن تسألني فأعطيك وتستغفرني فأغفر لك وتدعوني فأستجيب لك فلم تخفني ساعة قط من ليل ونهار ولم ترج ما عندي قط ولم تخش عقابي ساعة قط وليس وراءه أحد إلا وهو شر منه فيقال له : ما سلككم في سقر قالوا لم نك من المصلين إلى قوله : حتى أتانا اليقين يقول الله : فما تنفعهم شفاعة الشافعين .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن مردويه عن يزيد بن صهيب الفقير قال : كنا بمكة ومعي طلق بن حبيب وكنا نرى رأي الخوارج فبلغنا أن جابر بن عبد الله يقول في الشفاعة فأتيناه فقلنا له : بلغنا عنك في الشفاعة قول، الله مخالف لك فيها في كتابه . فنظر في وجوهنا فقال : من أهل العراق أنتم؟ قلنا : نعم، فتبسم وقال : وأين تجدون في كتاب الله؟ قلت : حيث يقول : ربنا إنك من تدخل النار فقد أخزيته و يريدون أن يخرجوا من النار وما هم بخارجين منها و كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها وأشباه هذا من القرآن فقال : أنتم أعلم بكتاب الله أم أنا؟ قلنا : بل أنت أعلم به منا، قال : فوالله لقد شهدت تنزيل هذا على [ ص: 89 ] عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وشفاعة الشافعين، ولقد سمعت تأويله من رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن الشفاعة لنبيه في كتاب الله قال في السورة التي يذكر فيها المدثر : ما سلككم في سقر قالوا لم نك من المصلين الآية ألا ترون أنها حلت لمن لا يشرك بالله شيئا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن الله خلق خلقا ولم يستعن على ذلك ولم يشاور فيه أحدا فأدخل من شاء الجنة برحمته وأدخل من شاء النار ثم إن الله تحنن على الموحدين فبعث ملكا من قبله بماء ونور فدخل النار فنضح فلم يصب إلا من شاء ولم يصب إلا من خرج من الدنيا لم يشرك بالله شيئا فأخرجهم حتى جعلهم بفناء الجنة ثم رجع إلى ربه فأمده بماء ونور ثم دخل فنضح فلم يصب إلا من شاء الله ثم لم يصب إلا من خرج من الدنيا لم يشرك بالله شيئا فأخرجهم حتى جعلهم بفناء الجنة ثم أذن الله للشفعاء فشفعوا لهم فأدخلهم الله الجنة برحمته وشفاعة الشافعين .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج البيهقي في البعث عن ابن مسعود قال : يعذب الله قوما من أهل الإيمان ثم يخرجهم بشفاعة محمد صلى الله عليه وسلم حتى لا يبقى إلا من ذكر الله ما سلككم في سقر إلى قوله : شفاعة الشافعين .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية