الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
366 - أنا رجل ، عن زيد بن أسلم قال : بلغني " أن المؤمن يمثل له عمله يوم القيامة في أحسن صورة ، وأحسن ما خلق الله وجها وثيابا ، وأطيبه ريحا ، فيجلس إلى جنبه ، كلما أفزعه شيء أمنه ، وكلما تخوف شيئا هون عليه ، فيقول : جزاك الله من صاحب خيرا ، من أنت ؟ فيقول : أما تعرفني ؟ قد صحبتك في قبرك ، وفي دنياك ، أنا عملك ، كان والله حسنا ؛ فلذلك تراني حسنا ، وكان طيبا ؛ فلذلك تراني طيبا ، تعال فاركبني ، فطالما ركبتك في الدنيا ، وهو قول الله تبارك وتعالى : وينجي الله الذين اتقوا بمفازتهم حتى يأتي به إلى ربه ، فيقول : يا رب ، إن كل صاحب عمل في الدنيا قد أصاب في عمله ، وكل صاحب تجارة وصانع قد أصاب في تجارته ، غير صاحبي قد شغل في نفسه ، فيقول له الرب تبارك وتعالى : فما تسأل له ، فيقول : المغفرة والرحمة ، أو نحو هذا ، فيقول : فإني قد غفرت له ، ويكسى حلة الكرامة ، ويجعل عليه تاج الوقار ، فيه لؤلؤة تضيء من مسيرة يومين ، ثم يقول : يا رب ، إن أبويه قد كان شغل عنهما كل صاحب [ ص: 107 ] عمل وتجارة ، قد كان يدخل على أبويه من عمله فيعطيان مثل ما أعطي ، ويتمثل للكافر عمله في صورة أقبح ما خلق الله وجها ، وأنتنه ريحا ، فيجلس إلى جنبه ، كلما أفزعه شيء زاده فزعا ، وكلما تخوف شيئا زاده خوفا ، فيقول : بئس الصاحب أنت ، ومن أنت ؟ فيقول : أما تعرفني ، فيقول : لا ، فيقول : أنا عملك ، كان قبيحا ؛ فلذلك تراني قبيحا ، وكان منتنا ؛ فلذلك تراني منتنا ، فطأطئ رأسك أركبك ، فطالما ركبتني في الدنيا ، فيركبه ، وهو قوله : ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة " .

التالي السابق


الخدمات العلمية