الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فصل .

الحكم الخامس : حلوان الكاهن . قال أبو عمر بن عبد البر : لا خلاف في [ ص: 697 ] حلوان الكاهن أنه ما يعطاه على كهانته ، وهو من أكل المال بالباطل ، والحلوان في أصل اللغة : العطية . قال علقمة :


فمن رجل أحلوه رحلي وناقتي يبلغ عني الشعر إذ مات قائله

انتهى .

وتحريم حلوان الكاهن تنبيه على تحريم حلوان المنجم ، والزاجر ، وصاحب القرعة التي هي شقيقة الأزلام ، وضاربة الحصا ، والعراف ، والرمال ونحوهم ممن تطلب منهم الأخبار عن المغيبات ، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن إتيان الكهان ، وأخبر أن ( من أتى عرافا فصدقه بما يقول ، فقد كفر بما أنزل عليه صلى الله عليه وسلم ) ولا ريب أن الإيمان بما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم ، وبما يجيء به هؤلاء ، لا يجتمعان في قلب واحد ، وإن كان أحدهم قد يصدق أحيانا ، فصدقه بالنسبة إلى كذبه قليل من كثير ، وشيطانه الذي يأتيه بالأخبار لا بد له أن يصدقه أحيانا ليغوي به الناس ، ويفتنهم به .

وأكثر الناس مستجيبون لهؤلاء مؤمنون بهم ولا سيما ضعفاء العقول ، كالسفهاء والجهال والنساء ، وأهل البوادي ، ومن لا علم لهم بحقائق الإيمان ، فهؤلاء هم المفتونون بهم ، وكثير منهم يحسن الظن بأحدهم ، ولو كان مشركا كافرا بالله مجاهرا بذلك ، ويزوره ، وينذر له ، ويلتمس دعاءه . فقد رأينا وسمعنا من ذلك كثيرا ؛ وسبب هذا كله خفاء ما بعث الله به رسوله من الهدى ودين الحق على هؤلاء وأمثالهم ، ( ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور ) وقد قال الصحابة رضي الله عنهم للنبي صلى الله عليه وسلم : إن هؤلاء يحدثوننا أحيانا بالأمر ، فيكون كما [ ص: 698 ] قالوا ، فأخبرهم : أن ذلك من جهة الشياطين ، يلقون إليهم الكلمة تكون حقا ، فيزيدون هم معها مائة كذبة فيصدقون من أجل تلك الكلمة .

التالي السابق


الخدمات العلمية