الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الزوجة إذا اغتاب زوجها أمامها أحدا من الناس

السؤال

بارك الله في جهودكم وجعلها في ميزان حسناتكم: شيوخي الأفاضل: أعاني من مشكلة مع زوجي، وهي طعنه في الناس بكل بساطة واستسهال الحديث عنهم بسوء، وأحيانا الطعن في الأعراض، والاتهام بشرب الخمر وغيرها، وهو إنسان متدين ـ والحمد لله ـ وهذه النقطة لم أستطع أن أصلحها فيه مهما حاولت، بل إذا طلبت منه أن يتوقف عن ذكر أمر كهذا يغضب مني، وقد يتطور الأمر إلى غضب وحدوث مشكلة على الرغم من أنني أتحدث بهدوء في معظم المرات، وهو يعتبر كلامي ودفاعي عن الآخرين تكذيبا له، فمثلا يتهم أحد أعمامه بأنه كان يذهب للراقصات ويصرف أمواله عليهن وووو.. وعندما أدافع وأقول حرام أن تذكر ذلك وليس بيدك دليل، يغضب ويقول إن عمه بذاته هو من كان يفاخر بهذا الأمر، فهل سمعه زوجي بأذنه؟ لا طبعا، وللأسف الأمثلة كثيرة لا يمكن أن أسردها هنا، ولا يكون زوجي من رأى أو سمع من الشخص المتهم، وإنما سمع من أناس يعتبرهم ثقاة بالنسبة إليه، ودائما يقول لي أنت لا تعرفين ماذا يوجد بالخارج فلا تدافعي عن أحد، هذه القصة معروفة بين الناس أو أن هذا الشخص يعرف الجميع بأنه كذا، ولكن من هم هؤلاء الجميع؟ إنهم معارف وأصدقاء زوجي المقربين، فقط في معظم الأحيان، وحتى لو كان ذلك صحيحا، أليس الأجدر به الستر على الناس؟ فهو دائما إن ذُكِر فلان وهو عليه شيء من هذه الأمور، يسارع بذكر القصة التي يعرفها عنه دون داع لذلك، فالبارحة مثلا: ذهب مع أقاربه في جاهة لإصلاح مشكلة مع عائلة أخرى، وعندما عاد بدأ يقول إن العائلة الأخرى أحضرت كبيرا لها للحوار، وللأسف هذا الكبير تم مسكه قبل فترة مع فتاة، فالذي رآه معها هو أحد أقارب زوجي الذين ذهبوا في هذه الجاهة، وهو من ذكر لهم الأمر، أليس هذا من الطعن في شرف ذلك العجوز، أليس ديننا ينهانا عن ذلك، طالما لا يوجد أربعة شهود؟ وبالتالي يجب أن يقام عليهم حد القذف؟ فكيف أتعامل مع زوجي؟ فهو إن بدأت أدافع أو أغلق الموضوع لعدم قبولي أن يحصل مثل هذا الكلام والطعن أمامي يغضب مني ولا يستمع إلي، وبدلا من أن يتوقف عن الاتهامات يبدأ بذكر اتهامات جديدة وفضائح أخرى، وهناك اتهام للكثيرين من قبله أنهم يفعلون اللواط ـ والعياذ بالله ـ ويبرر لنفسه أن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر باتقاء الشبهات، وبالتالي من اقترف شبهة ما يستحق ما يقال عنه، فهل يجب على زوجي وأمثاله ممن ينقلون هذه الأخبار حد القذف، حتى لو كانت هذه الاتهامات صحيحة؟ فأنا خائفة على زوجي، وأيضا أخشى أن يكون الله قد حرمنا من الذرية طوال هذه الأعوام بسبب لسان زوجي الذي لا يردعه شيء عن نقل الاتهامات عن الآخرين، فحقا هذا أكثر ما أخشاه وقد أخبرته قبل فترة بذلك، فما كان منه إلا أن حزن مني حزنا شديدا، وأنني أتهمه أنه هو السبب في عدم إنجابنا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فما عليه زوجك هذا من تتبع عورات المسلمين والتساهل في أعراضهم والوقوع فيها دون بينة ولا برهان خطر عظيم، وحري بهذا الزوج أن يشغل نفسه بما ينفعه في دينه أو في دنياه ويقلع عما هو عليه مما لا يعنيه، فليس منه إلا تبعات الحساب، ففي الموطإ مرفوعا: من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه.

قال المناوي في التيسير: وقال الغزالي حدّ ما لا يعني: هو الذي لو ترك لم يفت به ثواب ولم ينجر به ضرر، ومن اقتصر من الكلام على هذا قل كلامه، فيحاسب العبد نفسه عند ذكر مالا يعنيه أنه لو ذكر الله لكان ذلك كنزا من كنوز السعادة، فكيف يترك كنزا من كنوز السعادة ويأخذ بدله هذا. اهـ

وراجعي الفتوى رقم: 147705.

أما عن واجبك قِبَل هذا الزوج: فأنكري عليه منكره بما تستطعين، وليكن ذلك بالحكمة والموعظة الحسنة حتى لا ينفر أو يزداد بالنصيحة بعدا وإيغالا في غيّه، وإذا خشيت بالإنكار عليه مفسدة أكبر أو ضررا يلحقك سقط عنك الإنكار، لكن ينبغي في هذه الحالة أن تنصرفي عن مجلس الغيبة إن أمكنك ذلك دون ضرر أيضا، وراجعي الفتوى رقم: 201100.

أما ما ذكرت من أنه يتعلل لفعله هذا بأنه من اتقاء الشبهات: فكلام لا يقام له وزن وليس إلا إغراء من الشيطان له بما هو عليه.

وأما ما سألت عنه من لزوم الحد على هذا الزوج بما يقول: فلا يلزم الحد في مثل هذا، وراجعي الفتوى رقم: 126969.

وللفائدة راجعي الفتوى رقم: 44534.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني