الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يكفي الدعاء للأم الجاهلة بمسائل العقيدة؟

السؤال

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه آجمعين.
أما بعد:
جلست مع والدتي فسألتها: أمي ماذا تعرفين من القرآن الكريم؟ قالت: الحمد لله، تقصد سورة الفاتحة. وقل هو الله أحد، تقصد سورة الإخلاص.
وسألتها عن سؤال الملكين فقالت: أسمع الناس المتعلمين يقولون بأنهم ناكر ونكير، ويأتون معهم بمطرقة، وأشكالهم تخيف، فيضربونك على رأسك. قلت لها: لماذا يأتون إليك؟ قالت: لا أعلم. فدمعتي كادت أن تنزل لكني لم أبك أمامها، وقلت لها إنهم يسألونك. وعلمتها ماذا يسألونها، كما ذكر لنا النبي صلى الله عليه وسلم. وقلت لها المؤمن يجيب هكذا وهكذا. أما الكافر فيقول هاه هاه لا أدري. فخافت والدتي؛ لأنها لا تعلم من قبل عنهما. وبعد ربع ساعة قلت لها: ماذا قلت لك؟ قالت: نسيت، وبعدها أصبحت عندما أصلي أدعو لها خاصة صلاة الفجر، وأسأل الله أن يرحمها ويغفر لها ويثبتها ؟
هل يكفي دعائي لها أم يجب أن تتعلم وتقولها بنفسها؛ لأنها تنسى دائما ما قلت لها؟
أرجو أن تذكروا لي ما جاء عن الأمهات بالأحاديث النبوية الشريفة، والقرآن الكريم.
وأريد أن توجهوني نحو الطريق الصحيح لها، والله أصبحت أخاف عليها. أعلم بأنه لا خوف عليها عند رب العرش العظيم، لكن أصبحت أفكر بها دائما ؟
وهل إذا ذهبت إلى هيئة الأمر بالمعروف؛ لأنهم دارسون الدين والشريعة وطلبت منهم أن يعلموها في جلسة كيف تنتبه على ماتفعله، أو أدخلها لمركز تحفيظ القرآن.
أيهما أفضل ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فيجب عليك أن تحاول تعليم أمك -لا مجرد الدعاء لها مع عظيم فائدة الدعاء-؛ قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (6) سورة التحريم.

قال ابن كثير: عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ ناراً يقول: أدبوهم وعلموهم . ... ، وَهَكَذَا قَالَ الضَّحَّاكُ وَمُقَاتِلٌ: حَقٌّ عَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ يُعَلِّمَ أَهْلَهُ مِنْ قَرَابَتِهِ، وَإِمَائِهِ وَعَبِيدِهِ مَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ، وَمَا نَهَاهُمُ اللَّهُ عَنْهُ. اهـ

وروى البخاري ومسلم عن مالك بن الحويرث قال: أتينا إلى النبي صلى الله عليه و سلم ونحن شببة متقاربون، فأقمنا عنده عشرين يوما وليلة وكان رسول الله صلى الله عليه و سلم رحيما رفيقا، فلما ظن أنا قد اشتهينا أهلنا أو قد اشتقنا سألنا عمن تركنا بعدنا فأخبرناه قال: ارجعوا إلى أهليكم فأقيموا فيهم، وعلموهم ومروهم.

وننبهك هنا إلى أن الغرض معرفة المعنى لا حفظ لفظ الإجابة، والظاهر أنها تعرف المعنى، فهي تحفظ الفاتحة، وسورة الإخلاص. قال الشيخ حافظ حكمي عن شروط لا إله إلا الله: وَمَعْنَى اسْتِكْمَالِهَا اجْتِمَاعُهَا فِي الْعَبْدِ، وَالْتِزَامُهُ إِيَّاهَا بِدُونِ مُنَاقَضَةٍ مِنْهُ لِشَيْءٍ مِنْهَا, وَلَيْسَ الْمُرَادُ مِنْ ذَلِكَ عَدَّ أَلْفَاظِهَا وَحِفْظَهَا فَكَمْ مِنْ عَامِّيٍّ اجْتَمَعَتْ فِيهِ وَالْتَزَمَهَا وَلَوْ قِيلَ لَهُ: أُعْدُدْهَا لَمْ يُحْسِنْ ذَلِكَ, وَكَمْ حَافِظٍ لِأَلْفَاظِهَا يَجْرِي فِيهَا كَالسَّهْمِ وَتَرَاهُ يَقَعُ كَثِيرًا فِيمَا يُنَاقِضُهَا, وَالتَّوْفِيقُ بِيَدِ اللَّهِ, وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ. اهـ

وأما بخصوص هيئة الأمر بالمعروف فالأصل أنهم من دارسي الشريعة، وعندهم علم -على الأقل- بالتوحيد، فيمكنك مراجعتهم، ولا مانع من إلحاقها بمركز تحفيظ قرآن، أو الإتيان بمحفظة تحفظها، وتعلمها قبل ذلك ما لا يسع المسلم جهله، ويمكنك أن تقرأ عليها كتاب ثلاثة الأصول للشيخ محمد بن عبد الوهاب-رحمه الله-، وغيره من الرسائل النافعة ككتاب الدروس المهمة لعموم الأمة للعلامة ابن باز-رحمه الله-.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني