الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      خلف بن هشام ( م ، د )

                                                                                      ابن ثعلب ، وقيل : طالب بن غراب ، الإمام الحافظ الحجة ، شيخ الإسلام [ ص: 577 ] أبو محمد البغدادي البزار ، المقرئ .

                                                                                      مولده سنة خمسين ومائة .

                                                                                      وسمع مالك بن أنس ، وحماد بن زيد ، وأبا عوانة ، وأبا شهاب الحناط عبد ربه ، وشريكا القاضي ، وحماد بن يحيى الأبح ، وأبا الأحوص ، وعدة .

                                                                                      وتلا على سليم ، وعلى أبي يوسف الأعشى ، وغيرهما ، وحمل الحروف عن يحيى بن آدم ، وإسحاق المسيبي ، وطائفة ، وتصدر للإقراء والرواية .

                                                                                      روى عنه القراءة عرضا : أحمد بن يزيد الحلواني ، وسلمة بن عاصم ، ومحمد بن الجهم السمري وأحمد بن أبي خيثمة ، ومحمد بن يحيى الكسائي ، وأحمد بن إبراهيم الوراق ، وإدريس الحداد ، وآخرون .

                                                                                      وحدث عنه : مسلم في " صحيحه " ، وأبو داود في " سننه " وأبو زرعة ، وأبو حاتم ، وموسى بن هارون ، وأبو يعلى الموصلي ، وأبو القاسم البغوي ، ومحمد بن إبراهيم بن أبان السراج ، وابنه محمد بن خلف ، وعدد كثير .

                                                                                      وله اختيار في الحروف صحيح ثابت ليس بشاذ أصلا ، ولا يكاد يخرج [ ص: 578 ] فيه عن القراءات السبع ، وأخذ عنه خلق لا يحصون .

                                                                                      قال حمدان بن هانئ المقرئ : سمعته يقول : أشكل علي باب من النحو ، فأنفقت ثمانين ألف درهم حتى حذقته .

                                                                                      قال أبو الحسن عبد الملك الميموني : قال رجل لأبي عبد الله : ذهبت إلى خلف البزار أعظه ، بلغني أنه حدث بحديث عن الأحوص عن عبد الله قال : " ما خلق الله شيئا أعظم . . . " وذكر الحديث ، فقال أبو عبد الله : ما كان ينبغي له أن يحدث بهذا في هذه الأيام - يريد زمن المحنة - والمتن : " ما خلق الله من سماء ولا أرض أعظم من آية الكرسي " وقد قال أحمد بن حنبل لما أوردوا عليه هذا يوم المحنة : إن الخلق واقع هاهنا على السماء والأرض وهذه الأشياء ، لا على القرآن .

                                                                                      قلت : كذا ينبغي للمحدث أن لا يشهر الأحاديث التي يتشبث بظاهرها أعداء السنن من الجهمية ، . . . . . ، وأهل الأهواء ، والأحاديث التي فيها صفات لم تثبت ، فإنك لن تحدث قوما بحديث لا تبلغه عقولهم ، إلا كان فتنة لبعضهم فلا تكتم العلم الذي هو علم ، ولا تبذله للجهلة الذين يشغبون عليك ، أو الذين يفهمون منه ما يضرهم .

                                                                                      وخلف قال فيه يحيى بن معين والنسائي وغيرهما : ثقة .

                                                                                      وقال الدارقطني : كان عابدا فاضلا .

                                                                                      [ ص: 579 ] وقال : أعدت الصلاة أربعين سنة كنت أتناول فيها الشراب على مذهب الكوفيين .

                                                                                      قال الحسين بن فهم : ما رأيت أنبل من خلف بن هشام ، كان يبدأ بأهل القرآن ، ثم يأذن لأصحاب الحديث ، وكان يقرأ علينا من حديث أبي عوانة خمسين حديثا . وقد روي عن خلف أنه كان يسرد الصوم ، ولعله ما بلغه النهي عن ذلك ، أو تأول الحديث .

                                                                                      أنبأنا المؤمل بن محمد وجماعة قالوا : أخبرنا أبو اليمن الكندي ، أخبرنا أبو منصور القزاز ، أخبرنا أبو بكر الخطيب ، أخبرنا أبو الحسين بن بشران ، أخبرنا عثمان بن محمد ، حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن أبي حسان الأنماطي ، حدثنا أحمد بن إبراهيم وراق خلف بن هشام أنه سمع خلفا يقول : قدمت الكوفة ، فصرت إلى سليم بن عيسى ، فقال لي : ما أقدمك ؟ قلت : أقرأ على أبي بكر بن عياش ، فقال : لا تريده ، قلت : بلى ، فدعا ابنه وكتب معه إلى أبي بكر ، لم أدر ما كتب ، فأتينا منزل أبي بكر . قال ابن أبي حسان : وكان لخلف تسع عشرة سنة ، فلما قرأ الورقة ، قال : أدخل الرجل ، فدخلت وسلمت ، فصعد في النظر ، ثم قال : أنت خلف ؟ قلت : نعم ، قال : أنت لم تخلف ببغداد أحدا أقرأ منك ؟ فسكت ، فقال لي : اقعد ، هات اقرأ ، قلت : أعليك ؟ قال : نعم ، قلت : لا والله ، لا أقرأ على رجل يستصغر رجلا من حملة القرآن ، ثم خرجت ، فوجه إلى سليم يسأله أن يردني فأبيت ، ثم إني ندمت واحتجت ، فكتبت قراءة عاصم عن [ ص: 580 ] يحيى بن آدم عن أبي بكر .

                                                                                      قال النقاش : قال يحيى الفحام : رأيت خلف بن هشام في النوم ، فقلت : ما فعل الله بك ؟ قال : غفر لي .

                                                                                      توفي خلف في سابع شهر جمادى الآخرة سنة تسع وعشرين ومائتين وقد شارف الثمانين .

                                                                                      أخبرنا أحمد بن إسحاق ، أخبرنا الفتح بن عبد الله ، أخبرنا هبة الله بن حسين ، أخبرنا أحمد بن محمد البزاز ، حدثنا عيسى بن علي ، حدثنا أبو القاسم البغوي ، حدثنا خلف بن هشام البزار ، حدثنا أبو شهاب ، عن عاصم الأحول ، عن أبي عثمان ، عن أبي موسى - رضي الله عنه - قال : كنت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في بستان ، فجاء أبو بكر وعمر وعثمان فقرعوا الباب ، فقال لي : " قم فافتح لهم وبشرهم بالجنة " غير أنه خص عثمان بشيء دون صاحبيه .

                                                                                      ومات في العام معه أبو نعيم ضرار بن صرد ، وحسين بن عبد الأول ، ويزيد بن مهران الخباز الكوفي ، وأبو ياسر عمار بن نصر ، وعبيد بن يعيش الكوفي ، ومليح بن وكيع بن الجراح ، وعباد بن موسى الختلي ، ومحمد بن معاوية النيسابوري بمكة ، ونعيم بن حماد الخزاعي ، وعمرو بن خالد الحراني بمصر ، وثابت بن موسى الزاهد أبو يزيد ، ومؤمل بن الفضل الحراني .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية