الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 511 ] فصل

الناسية ثلاثة أقسام ، أحدها : المتحيرة : وهي الناسية للعدد والوقت فتحيض ستة أيام أو سبعة كما تقدم في المشهور ، ثم إن علمت شهرها وهو الزمان الذي لها فيه طهر وحيض ، مثل أن تقول : كنت أحيض في كل شهر حيضة لا أعلم قدرها ولا وقتها ، جعلنا ذلك شهر حيض لها في كل شهر هلالي ، ثم إن ذكرت زمن افتتاح الدم مثل أن ينقطع عنها الدم مدة ثم يعود ويستمر بها ، فإنها تجلس من حين عودته في أظهر الوجهين ، كأنه عادة في خامس الشهر فتجلس من كل شهر في خامسه المدة المضروبة .

" والوجه الثاني " تجلسه بالتحري كغيرها ، وإن لم تذكر افتتاح الدم وطال عهدها به جلست من أول كل شهر في أحد الوجهين ، وفي الآخر تجلسه بالتحري ، قاله أبو بكر وابن أبي موسى وهو أصح لأن التحري هنا طريق ولا يعارضه غيره ، بخلاف الصورة الأولى ، فإن أول الدم أحق أن يكون حيضا من آخره ، فإن لم يغلب على ظنها شيء جلست من أول الشهر وجها واحدا ؛ لأن قول النبي صلى الله عليه وسلم للمستحاضة : " تحيضي في علم الله ستا أو سبعا في كل شهر ثم اغتسلي وصلي وصومي ثلاثا وعشرين أو أربعا وعشرين " دليل على أن الحيض قبل الطهر وأنه محسوب من أول الشهر .

الثانية : أن تكون ناسية لعادتها ذاكرة لوقتها ، مثل أن تقول : كنت أحيض في العشر الأول من الشهر ولا أعلم عدده ، فتجلس ستا " أو سبعا " في المشهور من أول العشر في أحد الوجهين ، وبالتحري في أقواهما ، وإن قالت : أعلم أني كنت في أول الشهر حائضا ولا أعلم آخر الحيض ، حيضناها ذلك اليوم وما بعد ، وإن قالت : كان آخر الشهر آخر حيضتي ، حيضناها ذلك اليوم وما قبله ، وإن قالت : كنت في أول الشهر حائضا لا أدري هل كان أول حيضي أو آخره ، حيضناها ذلك اليوم وما بعده في أحد الوجهين ، وفي الآخر تتحرى فيما قبله وما بعده كما تقدم .

[ ص: 512 ] الثالثة : أن تكون ذاكرة لعددها دون وقتها ، فإن لم " تحدد " لها وقتا أصلا كأن تقول : حيضي خمسة أيام لا أدري متى هي ، فإنها تحيض الخمس من أول الشهر في أحد الوجهين ، وفي الآخر تتحرى لوقتها وشهرها ، إن عرفته عمل به ، وإن لم تعرفه فهو الشهر الغالب للنساء وهو ثلاثون يوما ، وإن علمت لها وقتا مثل أن تقول : حيضتي في العشر الأول أو في النصف الأول وهي خمسة أيام ولا أعلم عينها ، فهذه كل زمان تيقنت فيه الطهر فهي طاهر وكل زمان تيقنت فيه الحيض فهي حائض ، وكل زمان اشتبه عليها فإنها تجلس منه قدر عادتها إما بالتحري أو من أوله ، وطريق معرفة ذلك أنها إذا تيقنت الحيض في أيام ، فإن كانت أيام الحيض بقدر تلك الأيام أو أقل جاز أن يكون في أول تلك الأيام وجاز أن يكون في آخرها فليس هنا حيض متيقن ولا طهر متيقن ، فتجلس قدر الحيض إما من أول تلك الأيام أو بالتحري ، وإن كان الحيض أكثر من نصف تلك الأيام فالزائد على النصف " ومثله " من وسط تلك الأيام حيض بيقين لا بد في أي وقت فرضت ابتداء الحيض فلا بد أن يدخل الوسط فيه ، مثال ذلك أن تقول : كنت أحيض سبعة أيام من العشر الأول ، فإن الأربعة الوسطى حيض بيقين وهي الرابع والخامس والسادس والسابع ؛ لأنها داخلة في زمن الحيض على كل تقدير ، والثلاث الباقية من حيضها تجلسها إما من أول الشهر أو بالتحري ، على اختلاف الوجهين وهي حيض مشكوك فيه ، وتبقى الثلاثة الأخر وهي طهر مشكوك فيه ، وإن قالت : حيضي عشرة من النصف الأول من الشهر ، فإن الزائد على النصف إذا " أضافته " كان خمسة أيام ، فهذه الخمس الوسطى حيض بيقين والخمس الأول والأواخر مشكوك فيها ، فتجلس إحدى الخمستين بالتحري أو الأقل منهما .

التالي السابق


الخدمات العلمية