الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                      ( ومن وجبت عليه سن ) في الزكاة ( فعدمها خير المالك دون الساعي أو الفقير ونحوه ) في الصعود ( إلى ما يليها في ملكه ، ثم إلى ما يليه إن عدمه كما يأتي ) و ( في ) النزول إلى ما يليها في ملكه ، ثم إلى ما يليه على ما يأتي فإذا وجبت عليه بنت لبون مثلا ( فإن شاء أخرج سنا أسفل منها ) بأن يخرج بنت مخاض .

                                                                                                                      ( ومعها شاتان أو عشرون درهما ، وإن شاء ) المالك ( أخرج أعلى منها ، وأخذ مثل ذلك من الساعي ) لما تقدم من كتاب الصدقات الذي كتبه أبو بكر لأنس ( إلا ولي يتيم ومجنون ) وسفيه ( فيتعين عليه إخراج أدون مجزئ ) أي : أقل الواجب ، فيشتريه إن لم يكن في مال المحجور عليه ، طلبا لحظه ، ولا يعطي أسفل مع جبران ولا أعلى ويأخذه ( ويعتبر كون ما عدل إليه ) المالك ( في ملكه ) لأن جواز العدول إلى الجبران تسهيل على المالك .

                                                                                                                      ( فإن عدمهما ) أي : الأسفل والأعلى ، أو كانا معيبين ( حصل الأصل ) أي : الواجب أصالة لأنه إذا كان لا بد من تحصيل ، فالأصل لا يعدل عنه إلى بدله ( فإن عدم ما يليها ) أي : السن التي وجبت عليه بأن لم تكن في ماله أو كانت معيبة ( انتقل إلى الأخرى ) أي : التي تليها من أسفل أو فوق .

                                                                                                                      ( وضاعف الجبران ) الذي يعطيه أو يأخذه ( فإن عدمه أيضا انتقل إلى ثالث كذلك ) أي : من فوق أو أسفل ، وأخذ أو أعطى ثلاث جبرانات ، فمن وجبت عليه بنت مخاض وعدمها وعدم بنت اللبون ، وعدم الحقة ، وعنده جذعة ، أخرجها ، وأخذ ثلاث جبرانات ، وعكسه لو وجبت عليه جذعة ، وعدمها ، وعدم الحقة وبنت اللبون ، وعنده بنت مخاض ، [ ص: 190 ] أخرجها وثلاث جبرانات .

                                                                                                                      ولا يزيد على ذلك ( وحيث ) جاز ( تعدد الجبران ) كالأمثلة السابقة ( جاز جبران غنم ، وجبران دراهم ) كما في الكفارة ، له إخراجها من جنسين ( ويجزئ إخراج جبران واحد ، و ) جبران ( ثان ، و ) جبران ( ثالث : النصف دراهم والنصف شياه ) لما سبق ، ولأن الشارع جعل الشاة مقام عشرة دراهم ، ( فإذا اختار إخراجها وعشرة دراهم ، جاز ) فلو كان النصاب ( من الإبل ) كله مراضا ، ( وعدمت الفريضة فيه فله ) أي : المالك ( دفع السن السفلى ) بأن وجبت عليه بنت لبون فأخرج عنها بنت مخاض ( مع الجبران وليس له دفع ) السن ( الأعلى ) كحقة .

                                                                                                                      ( وأخذ جبران ، بل ) إن اختار دفعها ( مجانا ) لأن الجبران جعله الشارع وفق ما بين الصحيحين وما بين المريضين أقل منه فإذا دفع الساعي في مقابلة ذلك جبرانا كان ذلك حيفا على الفقراء .

                                                                                                                      وذلك لا يجوز وإذا دفعه المالك مع السن الأسفل فالحيف عليه وقد رضي به فأشبه إخراج الأجود من المال ( فإن كان المخرج ) للزكاة ( ولي يتيم أو مجنون ) أو سفيه ( لم يجز له أيضا ) أي : كما لا يجوز له دفع الأعلى لما تقدم : لا يجوز له ( النزول ) أي : أن يدفع سنا أنزل ، مع دفع جبران ( لأنه لا يجوز له ) أي : الولي ، ( أن يعطي الفضل ) أي : الزائد على الواجب من ( مالهما ) أي : مال الصغير والمجنون ، ومثلهما السفيه ( فيتعين ) على الولي ( شراء الفرض من غير المال ) لتعينه طريقا لأداء الواجب ( ولا مدخل للجبران في غير الإبل ) لأن النص إنما ورد فيها فيقتصر عليه .

                                                                                                                      وليس غيرها في معناها ، لكثرة قيمتها ولأن الغنم لا تختلف فريضتها باختلاف سنها وما بين الفريضتين في البقر يخالف ما بين الفريضتين في الإبل فامتنع القياس فلو جبر الواجد بشيء من صفته فأخرج الرديء عن الجيد ، وزاد قدر ما بينهما من الفضل لم يجز لأن القصد من غير الأثمان النفع بعينها فيفوت بعض المقصود ومن الأثمان القيمة وقال المجد : قياس المذهب جوازه في الماشية وغيرها ( فمن عدم فريضة البقر ، أو ) فريضة ( الغنم ووجد دونها حرم إخراجها ) ولزمه تحصيل الفريضة وإخراجها .

                                                                                                                      ( وإن وجد أعلى منها فدفعها بلا جبران ) كمسنة عن تبيع ( قبلت منه ) ولو مع وجود التبيع لأنه إخراج الواجب وزيادة تنفع ولا تضر ( وإن لم يفعل ) أي : يدفع الأعلى من الواجب ( كلف شراءها ) أي : الفريضة ( من غير ماله ) لكونه طريقا إلى أداء الواجب .

                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                      الخدمات العلمية