الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 7427 ) : وأفضل الرباط المقام بأشد الثغور خوفا ; لأنهم أحوج ، ومقامه به أنفع . قال أحمد : أفضل الرباط أشدهم كلبا . وقيل لأبي عبد الله : فأين أحب إليك أن ينزل الرجل بأهله ؟ قال : كل مدينة معقل للمسلمين ، مثل دمشق . وقال : أرض الشام أرض المحشر ، ودمشق موضع يجتمع إليه الناس إذا غلبت الروم . قيل لأبي عبد الله : فهذه الأحاديث التي جاءت : " إن الله تكفل لي بالشام " . ونحو هذا ؟ قال : ما أكثر ما جاء فيه . وقيل له : إن هذا في الثغور . فأنكره ، وقال : أرض القدس أين هي ؟ " ولا يزال أهل الغرب ظاهرين " هم أهل الشام . ففسر أحمد الغرب في هذا الحديث بالشام ، وهو حديث صحيح ، رواه مسلم ،

                                                                                                                                            وإنما فسره بذلك ; لأن الشام يسمى مغربا ، لأنه مغرب للعراق ، كما يسمى العراق مشرقا ، ولهذا قيل : ولأهل المشرق ذات عرق .

                                                                                                                                            وقد جاء في حديث مصرحا به { : لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق ، لا يضرهم من خذلهم ، حتى يأتي أمر الله وهم بالشام . } وفي الحديث ، عن مالك بن يخامر ، عن معاذ بن جبل ، قال : " وهم بالشام " . رواه البخاري ، في " صحيحه " . وفي خبر عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال { : لا تزال طائفة بدمشق ظاهرين . } أخرجه البخاري ، في " التاريخ " .

                                                                                                                                            وقد رويت في الشام أخبار كثيرة ; منها حديث عبد الله بن حوالة الأزدي ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { ستجندون أجنادا ; جندا بالشام ، وجندا بالعراق ، وجندا باليمن فقلت : خر لي يا رسول الله . قال : عليك بالشام ، فإنها خيرة الله من أرضه ، يجتبي إليها خيرته من عباده ، فمن أبى ، فليلحق باليمن ، ويسق من غدره ، فإن الله تكفل لي بالشام وأهله } .

                                                                                                                                            رواه أبو داود بمعناه ، وكان أبو إدريس إذا روى هذا الخبر قال : ومن تكفل الله به ، فلا ضيعة عليه . وروي عن الأوزاعي ، قال : أتيت المدينة ، فسألت : من بها من العلماء ؟ فقيل : محمد بن المنكدر ، ومحمد بن كعب القرظي ، ومحمد بن علي بن عبد الله بن العباس ، ومحمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه . [ ص: 169 ] فقلت : والله لأبدأن بهذا قبلهم . فدخلت إليه ، فأخذ بيدي ، وقال : من أي إخواننا أنت ؟ قلت : من أهل الشام . قال : من أيهم ؟ قلت : من أهل دمشق . قال : حدثني أبي ، عن جدي ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : { يكون للمسلمين ثلاث معاقل ; فمعقلهم في الملحمة الكبرى التي تكون بعمق أنطاكية دمشق ، ومعقلهم من الدجال بيت المقدس ، ومعقلهم من يأجوج ومأجوج طور سيناء } . رواه أبو نعيم ، في " الحلية " ، وفي خبر آخر ، عن أبي الدرداء ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { إن فسطاط المسلمين يوم الملحمة بالغوطة ، إلى جانب مدينة يقال لها : دمشق ، من خير مدائن الشام . } أخرجه أبو داود

                                                                                                                                            . وروى سعيد بن منصور ، في " سننه " بإسناده عن أبي النضر ، أن عوف بن مالك ، { أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله أوصني . قال : عليك بجبل الخمر . قال : وما جبل الخمر ؟ قال : أرض المحشر . } وبإسناده ، عن عطاء الخراساني : { بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : رحم الله أهل المقبرة . ثلاث مرات ، فسئل عن ذلك ، فقال : تلك مقبرة تكون بعسقلان . } فكان عطاء يرابط بها كل عام أربعين يوما حتى مات .

                                                                                                                                            وروى الدارقطني ، في " كتابه المخرج على الصحيحين " ، بإسناده عن ابن عمر ، { أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على مقبرة ، فقيل له : يا رسول الله ، أي مقبرة هي ؟ قال : مقبرة بأرض العدو ، يقال لها : عسقلان ، يفتتحها ناس من أمتي ، يبعث الله منها سبعين ألف شهيد ، فيشفع الرجل في مثل ربيعة ومضر ، ولكل عروس ، وعروس الجنة عسقلان } . وبإسناده ، عن ابن عباس رضي الله عنه { أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إني أريد أن أغزو . فقال : عليك بالشام وأهله ، ثم الزم من الشام عسقلان ، فإنها إذا دارت الرحى في أمتي ، كان أهلها في راحة وعافية . }

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية