التنمر الإلكتروني وأثره على الأطفال

0 612

مع التطور الهائل في التكنولوجيا، خاصة مواقع التواصل الاجتماعي (الفيس بوك، تويتر، انستجرام وغيرها)، وانتشارها السريع في المجتمعات العربية والغربية بين الأطفال والمراهقين ازدادت نسبة التنمر الالكتروني خاصة في ظل ظهور التطبيقات المتنوعة بشكل متواصل وسريع جدا .
حتى أصبح إيذاء الأطفال والمراهقين عبر شبكة الإنترنت أمرا سهلا، إذ أن غالبية الأطفال يحملون هواتف ذكية تحتوي على كل التطبيقات الحديثة والتي تمكنهم من استقبال الرسائل وإرسالها.
تعريف التنمر الإلكتروني
يعرف التنمر حسب معجم المعاني بأنه سوء الخلق والتشبه بالنمر في طبعه وشراسته ويقال لبس له جلد النمر أي أظهر له العداوة والبغضاء وكشفها له، كما يعرف التنمر بأنه قيام شخص ما بسلوك عدواني تجاه من هو أصغر أو أقل قوة منه كإيذائه أو تخويفه أو شتمه وإجباره على فعل ما لا يريد، وهو في علم النفس أحد أشكال السلوك العدواني الذي يتسبب فيه شخص ما عن قصد وبشكل متكرر في عدم الراحة لشخص آخر، سواء أكان ذلك السلوك جسديا أو لغويا بالكلمات أو أي أفعال أخرى، مع عجز الشخص الذي يتعرض للتنمر عن الدفاع عن نفسه.
والتنمر الإلكتروني   هو استغلال الإنترنت والتقنيات المتعلقة به بهدف إيذاء أشخاص آخرين بطريقة متعمدة ومتكررة وعدائية، عن طريق استخدام الإنترنت (الإيـمـيـل، اﻷلعاب الإلكترونية، الـرسـائـل النصـيـة، ووسائل التواصل اﻻجتماعي مثل يوتيوب، انستجرام، تويتر .. )

حكم التنمر في الإسلام
نهى الله عن التنمر في قوله تعالى:{يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن ۖ ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب ۖ بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ۚ ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون} "سورة الحجرات: الآية 11"

فقد أوضح ابن كثير في معنى الآية الكريمة أن بها نهيا صريحا من الله سبحانه وتعالى عن احتقار الناس والاستهزاء بهم لوجود مرض أو فقر أو أي صفة مختلفة أو غير مألوفة، فربما يكون الشخص الذي تمت السخرية منه له قدر عند الله أعظم من الساخر، بل وربما يكون أحب لله من الشخص الذي قد تنمر عليه.

أما في قول {ولا تلمزوا أنفسكم} فقد أوضح ابن كثير أن معناها عدم الإيماءات التي توحي للآخرين بالاستهزاء بهم، سواء كانت بالنظر أو بالحركة أو بالكلام.
وقال تعالى {ولا تنابزوا بالألقاب} أي لا تقوموا بإطلاق أسماء على البعض يستاؤون منها عندما يستمعون إليها
.

كما زخرت السنة بنصوصها التي تبين أن من صفات المسلم الأساسية أن يسلم الآخرون من أذاه، بل جعلت السنة هذه الصفة لأهميتها تعريفا للمسلم، بحيث لا تنفك عنه، ولا ينفك عنه، وإلا لما استحق وصف المسلم، فعن عبد الله بن عمرو بن العاص – رضي الله عنهما – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: المسلم: من سلم المسلمون من لسانه ويدهوعن أبي موسى رضي الله عنه قال: قالوا يا رسول الله أي الإسلام أفضل؟ قال: “من سلم المسلمون من لسانه ويده

والخلاصة؛ أن الدين الإسلامي نهى تماما عن السخرية التي اتخذت اسما آخرا وهو التنمر.

كيف أعلم أن طفلي يتعرض للتنمر الإلكتروني؟
هذه بعض العلامات التي تشير إلى أن الطفل قد يكون متعرضا للتنمر

الرغبة في التوقف عن استخدام الهاتف أو الكمبيوتر. الشعور بقلق أو الترقب عند تلقي رسالة فورية أو رسائل نصية. اعتكاف الطفل في غرفته لأوقات طويلة، ورفضه الجلوس على مائدة واحدة مع أسرته.  ظهور تغير واضح في سلوكه كتوتره، أو تعلقه الزائد بالأهل.  ظهور تغير في عادته اليومية كرفضه الأكل في مكان معين، أو المشي من طريق معين.  التراجع المفاجئ في مستواه الدراسي، وصعوبة تركيزه.  شكواه من أمور لم يكن ينتبه إليها أو يشكو منها كشيء في شكله، أو اسمه، أو مكان معين.  طول مدة سكوته، واكتفاؤه بإظهار الموافقة على كلام المتحدث سواء أكان صحيحا أم خاطئا. تنازله عن مصروفه وألعابه لأحد إخوته بشكل دائم  تلعثمه في الكلام، وحكمه على نفسه بالفشل.  ظهور كدمات في جسده دون معرفة سببها، أو رؤية كتبه ممزقة وأدواته مهشمة دون صدور شكوى منه.

من أشكال وطرق التنمر الإلكتروني
هناك أشكال عديدة للتنمر الإلكتروني نستعرضها سويا في النقاط التالية :

رسائل كره تصل للطفل ! إشاعات وأكاذيب يتم إطلاقها للشخص المتنمر عليه. السخرية وبث رسائل مؤلمة ورسائل عنصرية عبر التعليقات عبر منصات التواصل الاجتماعي. تأييد تلك التعليقات يعتبر تنمرا أيضا. التهديد بنشر صورة أو فيديو او محادثة خاصة. السخرية من الشكل أو اللون أو الديانة والثقافة أو عدم القدرة على التحرك.  استعمال هوية الضحية عبر مواقع التواصل الاجنماعي العمل على تشويه الصورة العامة له. إرسال صور أو فيديوهات غير أخلاقية إلى الشخص المراد التنمر عليه.  قيام الشخص المتنمر بسرقة حسابات شخصية للضحية واستعمالها لأهداف غير مقبولة وغير أخلاقية، وذلك بغرض التطفل على خصوصياته وحياته الشخصية.  يكون التنمر أيضا عن طريق انتحال الشخصية، حيث يقوم المتنمر بتقمص شخصية شخص ما، ووهم الآخرين بأنه هو ذاك الشخص، حيث يقوم مثلا بسرقة الرقم السري لبريده الإلكتروني أو لأحد حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي أو أن يقوم بأخذ الهاتف الجوال منه دون أن ينتبه ليقوم بإرسال رسائل نصية مسيئة أو صور غير لائقة من حساب الشخص الضحية، ليظن الآخرون أنه هو المرسل. وهناك نوع آخر من التنمر الإلكتروني يعتمد فيه الشخص المتنمر على عزل الضحية وتهميشه، كأن يقوم بطرده من نشاط ما أو مجموعة ما على الإنترنت، أو أن يدعو جميع أصدقائه على الفيسبوك باستثناء الشخص الضحية، ويوضح له أنه استثناه لأنه لا يرغب بوجوده في مجموعته؛ لأنه ممل وغير مهم على الإطلاق.

كيف نحمي أطفالنا من التنمر الالكتروني ؟

1.   لابد من تشجيع الطفل على التعبير عن مشاكله النفسية والاجتماعية، بشكل ودي بين الأبوين واحتواء الطفل، وتعليمه كيف يحل المشكلات؟ وأن يلجأ للأسرة دون خوف أو تردد من أي رد فعل.

2.   التحكم بأوقات استخدام الأجهزة الالكترونية شيء مهم جدا وأساسي بالنسبة للطفل.

3.  لابد من مراقبة الطفل حين يستخدم الأجهزة الالكترونية والتأكد من أنه يستخدم تطبيقات مفيدة وغير مؤذية على سلوكه النفسي.

4.  تعليم الطفل أن يتجاهل الأشخاص ذوي السلوك السيء.

5.  من جانب الأسرة لابد من تشجيع الطفل على تكوين الصداقات والعلاقات الاجتماعية، لتزيد ثقته في نفسه.

6.   عدم نشر الطفل لأي صورة خاصة به أو معلومات عنه، حتى لا يتم استغلالها من قبل المتنمرين.

7.  إذا علم الأهل بأن طفلهم يتعرض للتنمر عليهم احتواء ابنهم دون توبيخ، حتى لا تظهر عليه مشاكل نفسية لاحقا.

8.  طلب مساعدة المختصين إن استدعى الأمر، حفاظا على التوازن النفسي لابنكم.

توصبات للحد من ظاهرة التنمر
إن القضاء على ظاهرة التنمر يقتضي التنشئة الاجتماعية السليمة للطفل منذ الصغر، هذا بالإضافة إلى دور الإعلام للتصدي لهذه الظاهرة المرفوضة.
وجنبا إلى جنب دور المدرسة والجامعة وكافة المؤسسات داخل الدولة لنشر التوعية بين الناس ولفت أنظارهم إلى مدى فداحة هذا الفعل، ويمكن إيجاز ما يجب فعله في النقاط التالية:

- تربية الأبناء على الوازع الديني وتعليمهم السلوك الإسلامي الصحيح.

- المتابعة المستمرة لسلوك المراهقين داخل المدارس.

- عمل الندوات التثقيفية داخل الجامعات.

- المراقبة المستمرة من الأهل على الأبناء خلال تصفحهم لشبكة الإنترنت.

- ضرورة ملاحظة الطلبة بجميع المراحل التعليمية من خلال متخصصين في علم النفس والاجتماع.

- نصح الشخص المتنمر بالذهاب إلى طبيب نفسي للتخلص من هذه المشكلة.

- على الحكومات القيام بوضع القوانين الصارمة لكل من يمارس التنمر بكل أشكاله ضد الآخرين.

- السماح لمنظمات حقوق الإنسان والمؤسسات المختلفة لنشر برامج التوعية الخاصة بهم لكل مرحلة عمرية وفقا لما يناسبها.

مواد ذات صلة

المقالات

المكتبة