- اسم الكاتب:إسلام ويب
- التصنيف:معاً .. نربي ونعلم
كثيرا ما يخاطب الله تعالى عباده في القرآن الكريم بصفة الإيمان، استلهاما لهم وتحفيزا لهم على قبول ما يدعوهم إليه، فإن من صفات من آمن بالله أن يطيع أمره، وأن يستجيب لمطالبه، وأن يسارع في مرضاته، فالإيمان بالله يوجب الاستسلام والطاعة.
ومما يؤثر عن ابن مسعود رضي الله عنه قوله: "إذا سمعت الله يقول: {يا أيها الذين آمنوا}، فارعها سمعك، فإنه خير تؤمر به، أو شر تنهى عنه". رواه البيهقي في شعب الإيمان.
قوا أنفسكم وأهليكم نارا
ومما نادى الله به على عباده المؤمنين في القرآن قوله: {يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون}[التحريم:}.
وفي هذا النداء لفت أنظار المؤمنين وانتباههم إلى أهمية البيت والأسرة، وأن أول الجهد ينبغي أن يوجه إلى الزوجة، ثم إلى الأولاد وإلى الأهل بعامة؛ فإن الأسرة هي النواة الأساسية في المجتمع، صلاحه بصلاحها، وفساده بفسادها.
وقوله تعالى: {قوا أنفسكم وأهليكم نارا} بدأ بالنفس لأنه الأصل، وكل إنسان سيحاسب عن نفسه أولا، فكل نفس بما كسبت رهينة، (ما منكم من أحد إلا سيكلمه الله يوم القيامة، ليس بينه وبينه ترجمان، فينظر أيمن منه، فلا يرى إلا ما قدم، وينظر أشأم منه، فلا يرى إلا ما قدم، وينظر بين يديه، فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه، فاتقوا النار، ولو بشق تمرة، ولو بكلمة طيبة)[رواه البخاري ومسلم].
فالإنسان يسعى أولا لفكاك نفسه من النار.. ثم بعد ذلك يبحث عن هداية غيره وسلامته ونجاته، وأول هؤلاء هم أهله ـ زوجته وأولاده ـ ثم من بعدهم.
يقول القرطبي: "في الآية.. الأمر بوقاية الإنسان نفسه وأهله النار".
فهذا النداء يوحي بأهمية دور الرجل في الأسرة، وأنه راع على أسرته، قيم عليهم، مسؤول عنهم كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (والرجل راع في أهل بيته وهو مسؤول عن رعيته)، وقال: (إن الله سائل كل راع عما استرعاه: أحفظ أم ضيع حتى يسأل الرجل عن أهل بيته)[رواه النسائي].
يقول القرطبي: "فعلى الرجل أن يصلح نفسه بالطاعة، ويصلح أهله إصلاح الراعي للرعية".
واجب على الآباء والأزواج
فواجب من واجبات الآباء رعاية الزوجة والأبناء، وأن يأمرهم وينهاهم، ويعلمهم ما يتقون به النار، ويكثر من الوصية بذلك..
فعن ابن عباس قال: "قوا أنفسكم، وأمروا أهليكم بالذكر والدعاء؛ حتى يقيهم الله بكم".
وقال مجاهد: "اتقوا الله، وأوصوا أهليكم بتقوى الله".
وقال علي رضي الله عنه وقتادة: "قوا أنفسكم بأفعالكم، وقوا أهليكم بوصيتكم".
ونقل عن قتادة قوله: "يقيهم: أن يأمرهم بطاعة الله، وينهاهم عن معصيته، وأن يقوم عليه بأمر الله يأمرهم به ويساعدهم عليه، فإذا رأيت لله معصية ردعتهم عنها، وزجرتهم عنها".
وقاية الزوجة
فمن حقوق الزوجة على زوجها أن يعلمها ما ينفعها، وأن يحافظ على إيمانها ودينها وما تنجو به من النار.. وأن يتعاون معها على طاعة الله وعبادته.. ففي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (رحم الله رجلا قام من الليل، فصلى وأيقظ امرأته، فإن أبت، نضح في وجهها الماء، رحم الله امرأة قامت من الليل، فصلت وأيقظت زوجها، فإن أبى نضحت في وجهه الماء)[رواه أبو داود].
ومن هذا الباب قوله صلى الله عليه وسلم: (أيقظوا صواحبات الحجر)[البخاري]، وصواحبات الحجر هن زوجاته، والمراد: إيقاظهم للصلاة.
وقد روى مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أوتر يقول: (قومي فأوتري يا عائشة).
رعاية الأولاد
وكذلك من حق الأبناء على أبيهم، كما يحسن اختيار أمهم، واختيار أسمائهم، أن يربيهم ويرعاهم، وقد روي مرسلا في جامع الترمذي: (ما نحل والد ولدا أفضل من أدب حسن).
وعليه أن يعلمهم العبادات والأحكام، والحلال والحرام، ويأمرهم بالصلاة ويعودهم عليها وعلى الصيام إذا أطاقوه، ويهيئ لهم من الأسباب ما يجنبهم المعاصي والآثام. وقد روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم (مروا أبناءكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها لعشر، وفرقوا بينهم في المضاجع)[رواه أحمد وأبو داود]
وهذا كله يدخل في عموم قوله تعالى: {وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان}[المائدة:2]، وقوله تعالى: {وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر}[العصر]. وقوله: {وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها}[طه:132].
وليعلم الأب أنه مأجور على ذلك عند الله تعالى.. كما في الحديث: (من دل على خير فله مثل أجر فاعله). رواه مسلم من حديث أبي مسعود الأنصاري. ولقوله عليه الصلاة والسلام: (من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا)[أخرجه مسلم أيضا].
فعلينا تعليم أولادنا وأهلينا الدين والخير، وما لا يستغنى عنه من الأدب.. ولنحذر أن يتعلقوا بنا يوم القيامة يشكون تقصيرنا إلى الله كما جاء في تفسير السمعاني عن عمرو بن قيس قال: "إن المرأة لتخاصم زوجها يوم القيامة عند الله فتقول: إنه كان لا يؤدبني ولا يعلمني شيئا، كان يأتيني بخبز السوق!
وقد سبق حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله سائل كل راع عما استرعاه: أحفظ أم ضيع حتى يسأل الرجل عن أهل بيته)[رواه النسائي].

المقالات

