منذ أن توفي والدي والتوتر والقلق المزمن يأكلني!

0 4

السؤال

السلام عليكم

أعتذر إن كنت سأطيل عليك، لكنني بحاجة لمشاركة ما أمر به.

أنا شخص قلق بطبعي منذ الصغر، والسبب يعود إلى ظروف نشأتي؛ فقد كانت والدتي شديدة الخوف علي، بشكل مبالغ فيه، بالإضافة إلى سفر والدي في فترة مبكرة من طفولتي؛ مما جعلني طفلا خجولا وخائفا من أبسط الأمور. لكن ليست هذه هي المشكلة الأساسية.

عندما بلغت العشرين من عمري، تعرض والدي لأزمة نفسية وشخص بأنه يعاني من الوسواس القهري ونوبات الهلع، وقد استمر في معاناته خمس سنوات، إلى أن توفاه الله إثر جلطة دماغية.

ومنذ ذلك الوقت، وأنا أشعر بأن التوتر يأكلني حرفيا، رغم أنني – والحمد لله – ناجح إلى حد ما في حياتي.

اخترت الفتاة التي أردت الزواج بها، وتزوجتها بالفعل، لكنني أعاني من توتر مزمن، دائما ما أكون متوترا، وأتوقع حدوث المصائب قبل وقوعها.

بلغت الأمور ذروتها في إحدى المرات، عندما كنت مع مجموعة من الأصدقاء وجربت الحشيش، للأسف أعجبني تأثيره، واستمررت عليه لمدة سنة، لكن في أحد الأيام أصبت بنوبة هلع قوية، وتوقفت عنه مباشرة، إلا أن الإحساس بالهلع والتوتر استمر معي لفترة قد تصل إلى عام، يهدأ أحيانا ثم يعود، أصبحت شخصا عصبيا جدا، يسهل استفزازه، وأصبت بالقولون العصبي والانتفاخات.

جربت الأدوية النفسية، لكنها زادت وزني بشكل ملحوظ، وجعلتني أنام فقط دون تحسن حقيقي، فتوقفت عنها، ثم أصبحت شخصا رياضيا ورشيقا، ولا أرغب في العودة إلى تلك الأدوية مجددا؛ أولا: لأنها تسبب خمولا وزيادة في الوزن، وأنا أحب أن يكون مظهري جيدا، وثانيا: لأنها تسبب ضعفا جنسيا، وأنا متزوج منذ سنتين.

بصراحة، من الخارج أبدو طبيعيا، لكن من الداخل أشعر أنني ألتهم نفسي كل يوم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرا على استشارتك التي اطلعت عليها اليوم، والتي ذكرت فيها أنك تعاني من مشكلة القلق المستمر، والذي صاحبك منذ فترة طويلة، كما تقول: "منذ الصغر"، وذكرت في رسالتك أنك حاولت استخدام الدواء النفسي، ولكن نظرا للأعراض الجانبية -مثل زيادة الوزن، والخمول، والضعف الجنسي- توقفت عن استخدامه، ومع ذلك لا يزال القلق يلازمك.

أولا: أخي الفاضل، ما ذكرته من قصة حياتك؛ يعني أنك شخص –بطبيعة الحال– لديك قابلية للإصابة بالقلق أو اضطراب القلق؛ لأن القلق العام يمر على معظم الناس، بل إن القليل منه عادة يزيد من تحسين الأداء عموما، أما إذا زاد عن المعدل الطبيعي، فإنه يتحول إلى اضطراب، ومن الواضح أن ما ذكرته يشير إلى أنك وصلت إلى درجة يمكن اعتبارها اضطراب قلق عام، والذي قد تصاحبه أحيانا -كما ذكرت- بعض نوبات الهلع، كما قد يصاحبه أيضا اضطرابات جسدية مثل: القولون العصبي، واضطرابات النوم.

ثانيا: الحمد لله أنك تعافيت من الأمور التي قد تزيد من القلق، مثل: استخدام أنواع من الأدوية، أو العقاقير غير النفسية، كما أن ممارستك للرياضة بشكل جيد، ووضعك الاجتماعي المستقر(كونك تعمل ومتزوجا)، كلها عوامل إيجابية، ومهمة في المساعدة على التعامل مع القلق.

ثالثا: من حيث العلاجات الأخرى المتوفرة، فإني أنصحك بأن تقوم بما يسمى بالعلاج النفسي، أو الجلسات النفسية المتخصصة، وهناك أنواع متعددة من هذه العلاجات تساعد على التحكم في القلق ونوباته، ومن أهم هذه التدخلات النفسية التي يجريها الأخصائيون النفسيون ما يسمى بالعلاج المعرفي السلوكي (CBT)، وهو علاج أثبت فعالية كبيرة، ويكاد يضاهي في نجاعته استخدام الأدوية النفسية في بعض الحالات.

رابعا: التدخلات غير الدوائية: أنصحك أيضا بممارسة بعض التمارين التي تساعد على التخلص من القلق، مثل: برامج الاسترخاء، والتنفس العميق (يمكنك العثور عليها بسهولة على الإنترنت)، والتمارين الذهنية والروحية التي تساعد على تهدئة النفس، وكل هذه تدخل ضمن ما يسمى بالتدخلات غير الطبية أو الدوائية، والتي تساعد على التخلص من القلق.

خامسا: الدعم الروحي: أنصحك كذلك بإدخال بعض التدخلات الروحية التي قد تساعدك على التخلص من القلق، ومن أهمها:
- المواظبة على الطاعات.
- الالتزام بالصلاة في وقتها.
- القراءة اليومية للقرآن الكريم.

كل هذه الأمور توفر لك جوا نفسيا وروحيا متوازنا، وتعينك -بإذن الله- على التخلص من القلق.

وأخيرا: لا تنس أن الصحة العامة أمر مهم جدا؛ فرغم ممارستك الجيدة للرياضة، إلا أن الحفاظ على نظام غذائي متوازن، والنوم الكافي والمنتظم؛ كلها أمور تساعد كذلك على التخلص من القلق.

نسأل الله لك التوفيق والشفاء والعافية.

مواد ذات صلة

الاستشارات