السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
امتحنت امتحانين، وبعد مراجعة نموذج الإجابات، وجدت أنني حصلت على درجات سيئة، وبصراحة، هذا بسبب تقصيري في المذاكرة، لكنني عزمت على أن أجتهد في الامتحانات المقبلة.
لكن سؤالي هو: هل يمكن للدعاء أن يغير درجاتي في هذين الامتحانين؟ فأنا أدعو الله أن تخطئ الآلة، وتمنحني درجات على إجابات خاطئة، وأن يرزقني الله درجات أعلى من استحقاقي من حيث لا أحتسب، فهل هذا ممكن؟ أم أن الأمر قد قدر ولا يمكن تغييره، خاصة وأن أوراقي قد صححت، ولا يتوقع أن تخطئ الآلة، علما بأنني لم أسمع من قبل أنها أخطأت؟
وشكرا لكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ملك حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -أختنا العزيزة- في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله تعالى أن يكتب لك التوفيق والنجاح، وأن يبلغك آمالك التي فيها خير لك في دنياك وآخرتك.
ونصيحة لك أن تكوني جادة في الأخذ بالأسباب؛ فإن الله تعالى خلق هذه الدنيا، وقدر فيها أن تكون النتائج مرتبطة بأسبابها، والأنبياء -وهم سادة الخلق وأقرب الناس إلى الله تعالى-، تعبدهم الله تعالى بالأخذ بالأسباب؛ لأن الله تعالى أقام نظام هذا الكون على هذه السنة الجارية، إلا في حالات استثنائية أراد الله تعالى بها خرق هذا القانون، وخرق هذه العادة، وإلا فأنت تقرئين في كتاب الله عز وجل قوله سبحانه لمريم، وهي تعاني آلام الوضع والولادة: {وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا} [مريم: 25].
فهي امرأة ضعيفة مريضة، تعاني وتصارع آلام الوضع (الولادة)، ومع ذلك أمرها الله تعالى بهز جذع النخلة، وهي إذا هزتها لن تهتز، ولكنه تعليم للناس أن كل شيء له سبب، كما قال الشاعر:
ألم تر أن الله قال لمـريم *** وهزي إليك الجذع يساقط الرطب؟
ولو شاء تجنيه من غير هزة *** جنته، ولكن كل شيء له سبب.
فالإنسان المسلم لا بد أن يكون سليم العقل، يمضي في هذه الحياة وفق نظام الكون الذي أقامه الله تعالى فيه، ولا ينبغي أن يفتح على نفسه باب الأمنيات الكاذبة، وتمني خوارق العادات، وأن يعيش على هذه الأوهام والأحلام.
ولذلك نحن ننصحك بأن تعرضي عن التعلق بأن يرزقك الله تعالى الدرجات على إجاباتك الخاطئة، فهذا تعلق لا ينفع النفس شيئا، بل يضرها، والرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول: "احرص على ما ينفعك، واستعن بالله، ولا تعجز" [رواه مسلم].
وقرارك بأن تتوجهي نحو الاجتهاد في المذاكرة للامتحانات المقبلة، وعزمك على ذلك، هو الطريق الصحيح، وقد وفقك الله تعالى لذلك، ونأمل -إن شاء الله تعالى- أن يكون باب خير لك، ويعوضك عما مضى، وما دمت في زمن العمل والإنجاز؛ فينبغي أن تتوجهي نحو الجد والاجتهاد في تحقيق ما ينفعك.
وقد ذكر العلماء أن من صور الاعتداء في الدعاء أن يدعو الإنسان ربه بخلاف العادة الجارية، وتخالف السنن الكونية، فهناك أمور تستحيل في العادة، فإذا سأل الإنسان ربه هذه المستحيلات في العادة؛ فإنه يكون قد وقع في صور الاعتداء في الدعاء، والله تعالى لا يحب المعتدين في الدعاء، كما أخبر بذلك في كتابه الكريم: {ادعوا ربكم تضرعا وخفية ۚ إنه لا يحب المعتدين} [سورة الأعراف، الآية: 55]، أي: ادعوا ربكم بخشوع وتذلل، في السر والعلانية، بخشية وخوف، فإن الله لا يحب من يتجاوز حدود الأدب في الدعاء، كمن يدعو بأمور لا تليق، أو يجهر بدعائه رياء وسمعة، أو يتعدى في مطلوباته ما لا يليق بحاله، أو يدعو على غير ظالم.
نسأل الله تعالى أن يوفقك لكل خير، وأن يفتح لك أبواب التوفيق والتيسير.