الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أعلم أن الله يحبني وأن ما أمر به ليس بعقوبة؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أعلم أن كل مؤمن مبتلى، وأن الحياة لا تخلو من عناء وكدّ، وأن الله إذا أحب عبدًا ابتلاه، كما أن أشدّ الناس ابتلاءً هم الأنبياء، ثم الصالحون، ثم الأمثل فالأمثل، وأعلم أن لنا في الأنبياء أسوة حسنة في صبرهم على الابتلاء، لكنهم، وإن كانوا بشرًا مثلنا، فقد كان الوحي ينزل عليهم، يعلّمهم ويطمئنهم أن الله معهم، يؤيدهم وينصرهم، أما نحن، فلا يأتينا وحي، ومهما بلغ إيماننا لا نعلم: أهذا الذي نمر به ابتلاء أم عقوبة؟

فاللهم لا جزع ولا سوء ظنّ بك، لكن كيف أعلم أن الله يحبني، وأن ما أمرّ به ليس عقوبة؟ خاصةً وأنا لست من الصالحين، ولا يبلغني من الله وحي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سيف الدين حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

قرأت رسالتك وفهمت ما تقصده، ولذلك ردًا على أسئلتك أقول الآتي:

أولًا: كما قلت لسنا أنبياء، فالأنبياء يأتيهم الوحي من السماء، ولكن إن لم نكن أنبياء فلنكن أتباع الأنبياء، ولا سيما نبينا محمد -صلى الله وسلم-، وكون الإنسان لا يدري فيما أصابه هل هذا ابتلاء أو عقوبة، فهذا من علم الغيب لا يمكن لنا معرفته، ولا داعِ لأن يفكر الإنسان بهذا؛ بل عليه أن يصبر عند الابتلاء، ويشكر عند النعماء، كما في حديث صهيب الرومي -رضي الله عنه- قال، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (عجبًا لأمر المؤمن إن أمره كله خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيرًا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له) رواه مسلم. والله تعالى بحكمته يبتلي عباده بالسراء والضراء والشدة والرخاء، وما على الإنسان إلا الصبر والشكر في أحواله.

ثانيًا: في معرض سؤالك أنك لا تعلم أهذا ابتلاء أم عقاب؟ وكيف تعرف هل الله يحبك أم ماذا؟
وجوابي لك: لعل الواحد منا إذا رأى نفسه وأحواله مع الله تعالى قد يعرف التفريق بينهما، فإن كان العبد قائمًا بالطاعة على خير قيام، فالغالب أن الابتلاء لرفعة الدرجات، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل) وإن كان العبد بعيدًا عن الطاعات ومنهمكا في السيئات؛ فأقرب الأحوال أن هذه الابتلاءات عقوبة من الله، قال الله تعالى: (ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون) [الروم: 41] فعلى المسلم أن يتوب إلى الله تعالى ويستغفره، كلما أخطأ وأصاب ذنبًا أحدث له توبة.

ثالثًا: أوصيك -أخي الكريم- لا تشغل بالك بهذه الأسئلة: هل هذا ابتلاء أم عقوبة؟! ولأننا لسنا أنبياء.. إلخ، أهم شيء اهتم بالتوبة النصوح، والعمل الصالح، وسترى ربًا رحيمًا وتوابًا كريمًا.

ونسأل الله تعالى أن ننال محبته، وأن يرزقنا وإياك وجميع المسلمين التوبة والإنابة إليه، اللهم آمين.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً