السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أكثر من مرة زوجتي تستيقظ في الليل، وتقول لي إنني أتصل أو أتكلم مع شخص، وتقصد أنني أخونها هاتفيا، وهذا لم يحصل إطلاقا، وأقول لها: ربما كنت تحلمين، فترد بأنها لم تكن نائمة، ما الحل في هذه الحالة؟ علما أنني بدأت أتضايق من هذا الموضوع.
أرجو إفادتي.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ محمد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلا بك في موقعك إسلام ويب، وبارك الله فيك على صبرك وحرصك على إصلاح بيتك، وسؤالك هذا يدل على رجاحة عقلك، وحبك للهدوء والاستقرار، وما تعانيه ليس نادرا، بل يقع في بعض البيوت، ويحتاج إلى فهم دقيق للحالة، لأن التسرع قد يولد فجوة خطيرة، وسأعرض لك الأمر في نقاط واضحة، ثم أضع لك الحل العملي خطوة بخطوة -إن شاء الله تعالى-.
أولا: هل ما تقوله زوجتك اتهام حقيقي، أم رد فعل داخلي؟
من وصفك يتضح أن زوجتك تتحدث في الليل، وهي في حالة بين النوم واليقظة، وتصر على أن ما تقوله ليس حلما، بل هو واقع، مما يدفعها إلى اتهامك ضمنا، وبدون دليل، بأنك تخونها هاتفيا، في حين أنك تنفي ذلك بشدة، وقد بدأت هذه التكرارات تسبب لك ضيقا وقلقا متزايدا.
هذا السلوك قد يكون ناتجا عن واحد من ثلاثة أسباب:
1. قلق داخلي أو وساوس خفية عندها، فبعض النساء -خاصة إذا مررن بمواقف قديمة أو عندهن فراغ نفسي أو عدم ثقة بأنفسهن- قد تظهر مخاوفها على شكل تصورات غير حقيقية، تخرجها في لحظات بين النوم واليقظة.
2. اضطراب في النوم أو ما يعرف بالهلوسة النومية، فقد يرى الإنسان في هذه الحالة صورا أو يسمع أصواتا كأنها حقيقية، ولا يستطيع تمييز الحلم من الواقع، خاصة إن كانت تحت ضغط نفسي.
3. تراكم شكوك قديمة لم تعالج، فصارت تترجم لاتهامات؛ كأنها تربط سلوكا قديما أو تغيرا بسيطا عندك، وتضخمه داخليا حتى بات يظهر في الليل.
ثانيا: ما دمت متأكدا من براءتك، فلا تحمل هما شرعيا، فأنت لست مطالبا بأكثر من أن تبرئ ذمتك أمام الله، وأن تكون واضحا وصريحا، دون أن تجاري الاتهام أو تنفعل بانفجار، ولكن ترك هذا الأمر دون معالجة هادئة ومدروسة، قد يفسد العلاقة، ولو بعد حين.
ثالثا: خطوات عملية للتعامل مع الحالة:
1. ابدأ حوارا معها في وقت هادئ، لا أثناء الأزمة، وقل لها بلطف: أنا أحترم خوفك، وأقدر مشاعرك، لكني أريد أن أفهم: ما الذي يجعلك تتهمينني؟ ثم اطلب منها أن تصف ما شعرت به، أو ما رأته، أو ما تخافه، ولا تسارع في الدفاع عن نفسك، بل استمع بانتباه، ثم وضح لها بهدوء أنك تحبها وتخاف الله، وأن هذا الاتهام لا يؤذيك وحدك، بل يؤذيكما معا.
2. طمئنها بوسائل عملية، كأن تجعل هاتفك ظاهرا لا خفيا، وأحيانا تفتحه أمامها بمبادرة منك، وقل لها صراحة: أنا رجل أستحي من الله، وأنت زوجتي وستر بيتي، والله يعلم أنني لا أتكلم مع امرأة ولا أخونك، لا في خفاء ولا في علن.
3. اقترح عليها أن تذكر الله قبل النوم، فقد تكون هذه هواجس ليلية.
رابعا: متى تحتاج إلى تدخل جاد؟
إذا تحولت هذه الاتهامات إلى تجسس دائم على هاتفك، أو تفتيش أغراضك بلا إذن، أو تكرار النفي منك دون جدوى، فعندها لا بد من عرض الأمر على طرف ثالث تثق به، كمستشار أسري، أو قريب رشيد، أو مختص نفسي، ليساعدكما على الفهم والتوازن قبل أن يتفاقم الأمر ويؤذي العلاقة.
أخي الكريم: أنت صاحب حق، وصاحب صبر، ونحن نوصيك بالمزيد منه، فإن هذه الزوجة هي متعبة وقد تكون مريضة، تحتاج إلى قلبك قبل عقلك، وإلى حنانك قبل حدتك، وإلى دعائك قبل اتهامك، فاحرص على ذلك ملتمسا الأجر من الله تعالى، وتذكر أن بناء الثقة الزوجية يتطلب وقتا وصبرا ومهارات، وأن الشك أحيانا ليس جريمة، بل جرح يحتاج تضميدا لا تهديدا.
نسأل الله أن يحفظكم وأن يرعاكم، والله الموفق.