بيئة العمل أصبحت مصدرًا للضغط النفسي عليّ، فماذا أفعل؟

0 3

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

لا يوجد نقل خارجي بين الوزارات، وكلما سألت وزارة تقول: "مكتفون"، أصبحت محبطة، وأفكر في الانتحار؛ بسبب زميلات العمل وطريقة أسلوبهن في التعامل معي، وكأنني عاملة لديهن! عندما أستأذن للخروج قليلا ثم الرجوع يسألنني ويقلن: "أين كنت؟ ومع من تتحدثين بالهاتف؟ وإلى أين تذهبين؟" وكل شهر تأتيني إحدى الموظفات وتصرخ علي أمام الجميع.

ماذا أفعل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سارة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أسأل الله أن يفرج همك ويزيل كربك، وأن يرزقك السكينة والطمأنينة في قلبك وحياتك، أقدر مشاعرك وأتفهم تماما ما تمرين به من إحباط وضيق بسبب بيئة العمل التي أصبحت مصدرا للضغط النفسي عليك، تذكري دائما أن الله سبحانه وتعالى قريب من عباده، يسمع دعاءهم، ويعلم ما في قلوبهم، وهو أرحم الراحمين.

أولا: دعينا نتذكر بأنه يجب علينا في مثل هذه الأحوال اللجوء إلى الله تعالى وحسن التوكل عليه، والثقة بحكمته: قال الله تعالى: "ومن يتوكل على الله فهو حسبه" (سورة الطلاق: 3).

التوكل على الله يعني أن نؤمن بأن كل ما يحدث في حياتنا هو جزء من أقدار الله الحكيمة، وأنه لن يتركنا وحدنا في مواجهة الصعوبات، ولا بد أن نفزع إلى الصبر والاحتساب، قال الله تعالى: "إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب" (سورة الزمر: 10)، الصبر على الأذى والاحتساب عند الله يجعل كل ما تمرين به سببا لرفع درجاتك وتكفير ذنوبك.

كذلك يفيد في مثل هذه الحال احتساب أجر الأذى، قال النبي ﷺ: "ما أصاب أحدا قط هم ولا حزن فقال: اللهم إني عبدك، ابن عبدك، ابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماض في حكمك، عدل في قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك... أن تجعل القرآن ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همي، إلا أذهب الله همه وحزنه وأبدله مكانه فرحا"، ويروى عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال:" لو كان الصبر والشكر بعيرين ما باليت أيهما ركبت." الصبر على الأذى والشكر على النعم هما جناحا المؤمن.

ثانيا: خطوات عملية للتعامل مع الموقف:
• حاولي التحدث مع مديرك المباشر، أو قسم الموارد البشرية بطريقة هادئة ومهنية، اشرحي لهم ما تواجهينه من مضايقات، واطلبي منهم التدخل لتحسين بيئة العمل.
• إذا كانت زميلاتك يتدخلن في أمورك الشخصية، حاولي أن توضحي لهن بلطف أنك تفضلين الاحتفاظ ببعض الأمور لنفسك، قولي مثلا: "أقدر اهتمامك، لكنني أفضل أن أحتفظ ببعض الخصوصية".
• لا تدعي تصرفات الآخرين تؤثر على قيمتك الذاتية، ذكري نفسك دائما أنك تعملين بجد وتؤدين واجبك بإخلاص.
• إذا استمر الوضع ولم يتحسن، فكري في البحث عن فرص عمل أخرى في بيئة أكثر دعما واحتراما.
• خصصي وقتا يوميا للقيام بأنشطة تريحك مثل الصلاة، قراءة القرآن، أو ممارسة الرياضة، هذه الأنشطة تساعد على تخفيف التوتر.
• إذا شعرت أن الأفكار السلبية تسيطر عليك، فلا تترددي في استشارة مختص نفسي، يقول النبي ﷺ: "تداووا عباد الله، فإن الله لم يجعل داء إلا جعل له دواء.
• بدلا من التفكير في أنك محاصرة أو غير قادرة على التغيير، حاولي أن تقولي لنفسك: "هذا اختبار من الله، وسأجتازه بالصبر والعمل".
• خصصي دقائق يوميا للتنفس العميق مع ترديد أذكار مثل: "لا حول ولا قوة إلا بالله" أو "حسبي الله ونعم الوكيل".

أختي: أنت قوية بإيمانك، فلا تدعي أي موقف أو شخص يضعفك، إذا شعرت أنك بحاجة إلى دعم إضافي، فلا تترددي في طلب المساعدة من مختصين، أو من عائلتك، وأصدقائك الموثوقين.

تذكري أختي الكريمة أن الله تعالى حرم الانتحار في القرآن الكريم: قال الله تعالى: "ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما" (سورة النساء: 29)، هذه الآية الكريمة تحرم قتل النفس بشكل قاطع، وتذكرنا برحمة الله التي تشمل كل شيء، مما يعني أن الله أرحم بنا من أنفسنا، كما أن رسول الله ﷺ يقول: "من قتل نفسه بشيء عذب به يوم القيامة"، (رواه البخاري ومسلم)، هذا الحديث يبين أن الانتحار ليس حلا للمشاكل، بل هو سبب لعذاب دائم في الآخرة، لذا، يجب أن نبحث عن حلول أخرى لمشاكلنا، مهما كانت صعبة.

كما أن الإسلام يعتبر النفس أمانة من الله، ونحن مسؤولون عن الحفاظ عليها، قال النبي ﷺ: "إن لجسدك عليك حقا" (رواه البخاري)، هذا يشمل العناية بصحتنا النفسية والجسدية، والابتعاد عن كل ما يضر بها، لا تبقي مشاعرك مكبوتة، تحدثي مع شخص تثقين به، سواء كان أحد أفراد العائلة أو صديقة قريبة، أحيانا مجرد الحديث يخفف من وطأة الألم، شاركي في أنشطة تطوعية وحاولي تطبيق الإرشادات السابقة كما أسلفنا.

تنبيه مهم: إذا شعرت بإلحاح الأفكار الانتحارية، فتوجهي إلى خدمة الطوارئ، أو اطلبي خدمة الطوارئ عن طريق الهاتف المخصص لذلك، ولا تتحرجي من طلب الخدمة عند الحاجة، فالفريق الطبي يقدر هذه الأمور، ويتعامل مع حالات عديدة مثل حالتك.

ختاما: أسأل الله أن يفرج همك، ويزيل كربك، وأن يبدلك مكان الضيق فرجا وسعادة، تذكري دائما أن الله معك، وأنك لست وحدك، قولي هذا الدعاء: "اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، والعجز والكسل، والجبن والبخل، وغلبة الدين وقهر الرجال".

وفقك الله وسدد خطاك.

مواد ذات صلة

الاستشارات