بعد الإقلاع عن المخدرات بقيت معي بعض الأعراض، فكيف أتخلص منها؟

0 0

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله

أنا بفضل الله أقلعت عن تناول المخدرات منذ أربع سنوات، للأسف كنت مدمنا لأكثر من نوع (الشبو، الحشيش، الترامادول) لسنوات طويلة، تركتها كلها في يوم واحد دون استشارة طبيب، أو دخول مصحة، عانيت بعض الوقت من أعراض الانسحاب، لكن من الله علي وأعانني على التعافي.

ومنذ هذا التاريخ، وعلى مدار أربع سنوات وهناك أعراض لا تفارقني أبدا.

أولا: عدم الثقة بالنفس، على عكس ما كنت عليه قبل ذلك.

ثانيا: الخوف، والتوتر، والقلق، والخجل، بشكل يجعلني أميل إلى العزلة، لكن أحاول أن أندمج في المجتمع قدر المستطاع.

ثالثا: فقدان ذاكرة بشكل مخيف، سواء الذاكرة البعيدة، أو القريبة، لا أتذكر كل المعلومات التي كنت أتمتع بها، وأنسى الأسماء والأماكن، وحين أقوم بعملية حسابية ينتابني شعور بالقلق (وتهنيج) في الدماغ، إضافة إلى التلعثم في الكلام بعض الأحيان يكون الكلام في دماغي، ولا أستطيع نطقه، أو تخرج كلمة مشابهة للتي في دماغي.

أرجو من القامات العلمية في الموقع أن تدلني على طريق العلاج لحالتي، راجيا من الله تعالى أن يجعله في ميزان حسناتكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في إسلام ويب، وأسأل الله لك العافية والشفاء.

أخي الكريم: أقول لك: الحمد لله الذي أنعم عليك بهذه التوبة، التي نسأل الله أن تكون توبة نصوحا، وثابتة، وقوية، ودائمة إن شاء الله تعالى.

ومن الواضح -أخي الكريم- أن هنالك خيرا عظيما قد أتى إليك، وبإقلاعك عن المخدرات، وبالكيفية التي ذكرتها، دليل قاطع على أن التوجه الإيجابي والعزيمة والإصرار كان لديك -بفضل من الله تعالى- ثابتا وقويا، وأنا أبشرك بأنك الآن دخلت في عمر النضج المعرفي، الذي بعده لن تعود أبدا إلى التعاطي مرة أخرى.

أيها الفاضل الكريم: الآثار التي تحدثت عنها، وهي أعراض نفسية -إن شاء الله- ليست خطيرة، وليست مستحيلة المعالجة.

بالنسبة للنقطة الأولى، وهي عدم الثقة بالنفس:
أيها الفاضل الكريم: موضوع الثقة بالنفس دائما يأتي من خلال الأفعال، طبعا لا شك أنك في وقت التعاطي كنت في حالة غفوة تامة، ونومة تامة أبعدتك عن الواقع، وكنت لا تهتم بأي فعاليات في حياتك غير التعاطي، أما الآن فأنت -الحمد لله- على وعي وإدراك، والتوقف منذ أربع سنوات هي مدة جيدة جدا، والثقة بالنفس تستعاد من خلال الأفعال.

اجعل لنفسك أهدافا واضحة في الحياة، وطبق هذه الأهداف: أهدافا على المدى المتوسط، وأهدافا على المدى البعيد.

أهداف المدى المتوسط: دائما يجب أن تنجز خلال ستة أشهر، فإذا قررت مثلا أن تحفظ أربعة أجزاء من القرآن الكريم، هذا هدف واضح، يقاس، وله خط زمني، ويمكن تحقيقه خلال الستة أشهر، وهكذا، أنا أعطيك مثالا حيويا ومثالا واضحا، وهناك أمثلة كثيرة لكيفية أن يشعر الإنسان بفعاليته وإنتاجيته وفائدته لنفسه ولغيره.

وأيضا بالنسبة للأهداف على المدى البعيد: يجب أن تحضرها وتضع الآليات التي توصلك إلى غاياتك.

إذا: أهم شيء في إعادة الثقة هو عن طريق الأفعال، والأفعال يجب أن نحددها كأهداف، والأهداف يجب أن نضع لها آليات توصلنا إليها، هذه هي الطريقة العلمية.

والأمر الآخر -يا أخي- لاستعادة الثقة هو: الالتزام بالواجبات الاجتماعية، مجتمعنا مجتمع متكافل، مجتمع متواصل، مجتمع فيه رحمة، فلا تتخلف عن واجب اجتماعي، قم بزيارة أرحامك، شارك في الأفراح، شارك في الأتراح، زر المرضى، عليك بالمشي في الجنائز، كن شخصا حيويا من الناحية الاجتماعية، هذا أيضا يزيد الثقة عندك كثيرا.

ممارسة الرياضة تزيد الثقة في النفس، ولا شك في ذلك، هذا أمر مؤكد، وتساعدك أيضا في الأعراض الأخرى.

فإذا هذا هو الذي أنصحك به، القلق والخوف والتوتر، وكذلك عدم التفاعل الاجتماعي، تستطيع أن تتخلص من هذا القلق والتوتر، وتكون اجتماعيا؛ لأن طاقتك النفسية قد توجهت توجها إيجابيا، وسوف أصف لك دواء بسيطا -إن شاء الله- يساعدك في كل هذا.

فقدان الذاكرة: حقيقة هو ليس فقدانا للذاكرة، إنما ضعفها وتشتتها، وعدم القدرة على تسجيل المعلومات أو استعادتها، وهذا ناتج من تعاطي الحشيش، هذا مؤكد، وسيختفي -إن شاء الله- تدريجيا.

والذاكرة لكي تحسنها عليك بالنوم الليلي المبكر، وعليك بممارسة الرياضة، وعليك بإجراء التمارين الذهنية، وقراءة القرآن بتدبر وتمعن، والرجوع إلى التفاسير، هذه أفضل سبل الاستيقاظ بالذاكرة، وذلك مع النوم الليلي المبكر، وتناول الغذاء الصحيح والسليم.

هذا فيما يتعلق بموضوع الذاكرة، و-إن شاء الله- بالنسبة للتلعثم والقلق -كما ذكرت لك- سوف أصف لك أيضا أحد الأدوية البسيطة المفيدة.

من أفضل هذه الأدوية عقار (اسيتالوبرام - Escitalopram)، والذي يعرف باسم (سيبرالكس - Cipralex)، أريدك أن تتناوله بجرعة نصف حبة ( 5 مليغرام) يوميا لمدة عشرة أيام، ثم اجعلها حبة واحدة يوميا (10 مليغرام) لمدة أربعة أشهر، ثم اجعلها (5 مليغرام) يوميا لمدة أسبوعين، ثم (5 مليغرام) يوما بعد يوم لمدة عشرة أيام، ثم توقف عن تناول الدواء.

ويوجد دواء آخر يسمى (نوتروبيل - Nootropil)، والذي يعرف باسم (بيراسيتام - Piracetam) هذا يساعدك على التركيز، أرجو أن تتناوله بجرعة (400 مليغرام) صباحا ومساء لمدة شهرين، ثم تتوقف عن تناوله.

إذا هذه هي النصائح التي أود أن أقدمها لك، وأنا على ثقة أنك الآن تعيش في مرحلة حياتية جديدة، مرحلة نقية، مرحلة طيبة، فلا تتردد في أن تكون واثقا من نفسك، وهذا يكون دائما من خلال الأفعال، وليس من خلال المشاعر السلبية.

طبعا من الناحية المهنية: اسع دائما لأن تطور نفسك، هذا مهم جدا، واكتساب المعارف واكتساب المهارات هو من الأسس الرئيسة في الحياة التي تجعلنا أكثر ثقة في ذواتنا، ونكون نافعين لأنفسنا ولغيرنا.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات