السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
شكرا لكم على موقع إسلام ويب.
سؤال حول الذكاء العقلي، هل هو وراثي أم مكتسب؟ وكذلك الإبداع، وما هو تعريف الإبداع علميا؟
وشكرا لكم.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
شكرا لكم على موقع إسلام ويب.
سؤال حول الذكاء العقلي، هل هو وراثي أم مكتسب؟ وكذلك الإبداع، وما هو تعريف الإبداع علميا؟
وشكرا لكم.
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد .. حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نشكركم على تواصلكم معنا، وثقتكم بموقعنا، وعلى هذا السؤال العميق الذي يلامس جوهر الإنسان وقدراته التي وهبه الله إياها، ولفت انتباهي هذا التساؤل حول الذكاء والإبداع، فالسعي لمعرفة أصل القدرات هو الخطوة الأولى نحو تنميتها واستغلالها فيما يرضي الله.
علميا: يمكن تعريف الإبداع بأنه "القدرة على إنتاج أفكار أو حلول أو أعمال جديدة ومفيدة أو مناسبة"، فلا يكفي أن تكون الفكرة جديدة فقط، بل يجب أن تكون ذات قيمة أو فائدة في سياق معين، وهذا يتطلب:
• التفكير التباعدي: وهو توليد أكبر عدد ممكن من الأفكار والخيارات المتنوعة.
• التفكير التقاربي: وهو اختيار أفضل وأنسب الأفكار من بين الأفكار المولدة.
- الإبداع في جوهره هو توظيف العقل الذي خلقه الله لتوليد قيمة جديدة، وهذا ما يسميه العلماء (الإنتاج الخلاق).
- الإسلام ينظر إلى الإبداع كأحد ثمرات التفكر والتدبر في ملكوت الله سبحانه وتعالى.
- الإبداع هو استخدام أمانة العقل التي وهبها الله لنا، للخروج من المألوف والمكرر، نحو ما هو أفضل وأكثر نفعا للإنسان والمجتمع.
- قد تجلى الإبداع في تاريخنا الإسلامي في علوم الطب والهندسة والفلك (مثل إبداعات ابن الهيثم في البصريات)؛ فهو ليس مجرد موهبة فنية، بل هو إتقان في الاستخلاف وعمارة الأرض.
أما سؤالك: عن الإبداع بالوراثة أم الاكتساب؟
فهذا التساؤل يلامس إحدى أكبر القضايا في علم النفس، وهي قضية (الطبيعة والتنشئة) والنظرة الأكثر حكمة وتوازنا -والتي تتفق مع مفاهيمنا الإسلامية- هي أن كلا من الذكاء والإبداع، هما نتاج للتفاعل المعقد بين الوراثة والاكتساب معا.
ولا شك أن هناك استعدادات فطرية وقدرات عقلية يولد بها الإنسان، تحددها العوامل الجينية، هذه الوراثة تضع ما يمكن تسميته بالإطار أو الحدود القصوى للإمكانات العقلية للشخص، هذا الجانب يقع ضمن القدر الإلهي، وسنة التفاضل بين الناس في الرزق والقدرات، قال تعالى: ﴿نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا﴾ [الزخرف: 32]، فالله -سبحانه وتعالى- وزع المواهب والقدرات لحكمة يعلمها، وعلى المؤمن قبول هذه القسمة والشكر عليها.
أما الجانب المكتسب أو التنشئة: هذا الجانب يمثل البيئة، والجهد، والتدريب، والتعلم، والتحفيز الذي يتلقاه الفرد منذ صغره، وهو يحدد إلى أي مدى سيتم استغلال الإمكانات الوراثية الموجودة، يمكن للبيئة المحفزة أن ترفع مستوى الذكاء والإبداع، كما أن الإهمال يمكن أن يخمدهما، حتى لو كان الاستعداد الوراثي عاليا، وعليه فهذا الجانب يمثل السعي والعمل والإرادة، وقد أمرنا الله بالسعي في طلب العلم والتدبر، فقال سبحانه: ﴿قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون﴾ [الزمر: 9] وفي الحديث الشريف: "احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز".
فالذكاء والإبداع أمانة، وتنميتهما جهاد يتطلب الصبر والمثابرة، والقارئ والباحث والمجتهد هو من يفتح الأبواب الموصدة في عقله، وهذا هو الجانب المكتسب بامتياز.
أخي الكريم:
• عليك أن تنظر إلى الذكاء والإبداع على أنهما عضلة تحتاج إلى تمرين دائم، وأيضا هبة تحتاج إلى شكر.
• استثمر في العلم والتفكر، فالإبداع يتغذى على المعلومات والمعرفة.
• خصص وقتا يوميا لطلب العلم، ليس فقط في تخصصك، بل في مجالات متنوعة، فهذا يوسع مدارك العقل، واجعل من وقتك نصيبا للتفكر في خلق الله وفي المشكلات، محاولا الخروج بحلول جديدة ومفيدة.
• لا تجعل حدود قدراتك الوراثية عائقا، احرص على العبادات التي تزيد من صفاء الذهن وتركيزه، كالمحافظة على الصلوات في أوقاتها، وكثرة الذكر والاستغفار.
• إن صفاء القلب ينعكس على صفاء العقل، وهذا بدوره يعزز القدرة على التفكير الإبداعي والعميق.
• إن أعظم إبداع هو إبداع الإنسان في علاقته مع ربه، ثم في عمارته لأرضه ونفعه لخلقه.
أسأل الله أن يلهمك السداد والرشاد، وأن يوفقك لخيري الدنيا والآخرة.