حكم سب العبادة في النفس

0 392

السؤال

ما حكم سب العبادة في النفس؟ مع أن حديث النفس لا يحاسب به العبد.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فحديث النفس مما عفا الله تعالى عنه، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز لأمتي عما وسوست أو حدثت به أنفسها ما لم تعمل به أو تكلم. رواه البخاري ومسلم.

وذلك أن التحرز من ذلك أمر شاق جدا، وقلما ينجو منه إنسان، ولذلك لما نزل قوله تعالى: وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله. اشتد ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم بركوا على الركب فقالوا: أي رسول الله؛ كلفنا من الأعمال ما نطيق ـ الصلاة والصيام والجهاد والصدقة ـ وقد أنزلت عليك هذه الآية ولا نطيقها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتريدون أن تقولوا كما قال أهل الكتابين من قبلكم سمعنا وعصينا، بل قولوا: سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير. قالوا: سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير. فلما اقترأها القوم ذلت بها ألسنتهم، فأنزل الله في إثرها: آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملآئكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير* لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا. قال: نعم، ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا. قال: نعم، ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به. قال: نعم، واعف عنا واغفر لنا وارحمنآ أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين. قال: نعم. رواه مسلم.

قال ابن كثير: قوله: لا يكلف الله نفسا إلا وسعها. أي: لا يكلف أحدا فوق طاقته، وهذا من لطفه تعالى بخلقه ورأفته بهم وإحسانه إليهم، وهذه هي الناسخة الرافعة لما كان أشفق منه الصحابة في قوله: وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله. أي: هو وإن حاسب وسأل، لكن لا يعذب إلا بما يملك الشخص دفعه، فأما ما لا يمكن دفعه من وسوسة النفس وحديثها، فهذا لا يكلف به الإنسان، وكراهية الوسوسة السيئة من الإيمان، وقوله: لها ما كسبت. أي: من خير. وعليها ما اكتسبت. أي من شر. وذلك في الأعمال التي تدخل تحت التكليف. انتهى. 

وعلى ذلك، فسب العبادة أو حتى سب الدين كله، إن كان مجرد خاطر وحديث نفس، فلا يؤاخذ به العبد ما لم يتلفظ به، أو يعمل بمقتضاه، أو يستقر في قلبه بحيث يصير اعتقادا لا ينفر منه صاحبه ولا يكرهه، وراجع في ذلك الفتاوى التالية أرقامها: 24096، 99234، 12300.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة