الاستدلال على البعث بعد الموت بإحياء الأرض بعد موتها

0 306

السؤال

قال تعالى: "يا أيها الناس إن كنتم في ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة... الآية, وقال: " وترى الأرض هامدة ... الآية من سورة الحج, فما العلاقة بين خلق الإنسان واهتزاز الأرض وإنباتها من كل زوج بهيج؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد قال الله سبحانه: ( يا أيها الناس إن كنتم في ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة لنبين لكم ونقر في الأرحام ما نشاء إلى أجل مسمى ثم نخرجكم طفلا ثم لتبلغوا أشدكم ومنكم من يتوفى ومنكم من يرد إلى أرذل العمر لكيلا يعلم من بعد علم شيئا وترى الأرض هامدة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج) {الحج:5}، ذكر الله تعالى في هذه الآية الكريمة ابتداء خلقه الإنسان دليلا على البعث، ثم أتبعه بذكر دليل آخر على البعث وهو خلق النبات، قال ابن كثير: هذا دليل آخر على قدرته تعالى على إحياء الموتى، كما يحيي الأرض الميتة الهامدة، وهي القحلة التي لا نبت فيها ولا شيء.

وقال ابن عاشور: وهذا ارتقاء في الاستدلال على الإحياء بعد الموت بقياس التمثيل؛ لأنه استدلال بحالة مشاهدة، فلذلك افتتح بفعل الرؤية، بخلاف الاستدلال بخلق الإنسان فإن مبدأه غير مشاهد, فقيل في شأنه: فإنا خلقناكم من تراب... الآية, ومحل الاستدلال من قوله تعالى: فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت، فهو مناسب لقوله في الاستدلال الأول فإنا خلقناكم من تراب، فهمود الأرض بمنزلة موت الإنسان, واهتزازها وإنباتها بعد ذلك يماثل الإحياء بعد الموت.

والاستدلال على البعث بعد الموت بإحياء الأرض بعد موتها متكرر في القرآن العظيم.

قال ابن تيمية: وهو قد شبه سبحانه إعادة الناس في النشأة الأخرى بإحياء الأرض بعد موتها في غير موضع, كقوله: وهو الذي يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته حتى إذا أقلت سحابا ثقالا سقناه لبلد ميت فأنزلنا به الماء فأخرجنا به من كل الثمرات كذلك نخرج الموتى لعلكم تذكرون {الأعراف:57}، وقال: والأرض مددناها وألقينا فيها رواسي {ق:7}، إلى قوله {رزقا للعباد وأحيينا به بلدة ميتا كذلك الخروج {ق:11}، وقال تعالى: يا أيها الناس إن كنتم في ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة لنبين لكم ونقر في الأرحام ما نشاء إلى أجل مسمى ثم نخرجكم طفلا ثم لتبلغوا أشدكم ومنكم من يتوفى ومنكم من يرد إلى أرذل العمر لكيلا يعلم من بعد علم شيئا وترى الأرض هامدة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج * ذلك بأن الله هو الحق وأنه يحي الموتى وأنه على كل شيء قدير {الحج:5-6}، وقال تعالى: والله الذي أرسل الرياح فتثير سحابا فسقناه إلى بلد ميت فأحيينا به الأرض بعد موتها كذلك النشور {فاطر:9}.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة