الزواج من أهل الكتاب المعاصرين

0 481

السؤال

إخواني، نحن نعلم أنه يحق ‏لنا أن نتزوج من الكتابيين، وهم يصنفون ‏ممن يؤمن بالله، ويدخلون النار بعد ‏المشركين. لكن هل هذا الكلام ينطبق ‏على الكتابيين هذه الأيام؟؟ اليهود ‏مثلا هم يشركون بالله، لكن يؤمنون ‏بوجوده. والمسيحيون يؤمنون بالله ‏لكن يشركون، ويقولون الابن ووووو ‏الخ...
فهل أصبحوا هنا مشركين ‏ويحاسبون كمشركين أو كتابيين؟ ‏وهل يجوز لنا أن نتزوج منهم هذه ‏الأيام؟؟
وكنت قد قرأت أن المسلم ‏إن أراد أن يتزوج كتابية فلا بد أن ‏تكون محصنة. هل يجوز أن يتزوج ‏مسلم غير محصنة منهم؛ لأنها سوف ‏تسلم؟
‏ بارك الله فيكم.‏

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

  فلا ريب في كفر اليهود والنصارى، لكن الشرع استثناهم من سائر الكفار، وحكم بحل زواج المسلم من حرائرهم. قال الزركشي: وحرائر أهل الكتاب، وذبائحهم، حلال للمسلمين؛ لقول الله سبحانه: {اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن} [المائدة: 5] وهذا يخصص قوله تعالى: {ولا تنكحوا المشركات} [البقرة: 221] الآية.  

وبعض العلماء يرى أن لفظ المشركين لا يشمل أهل الكتاب. قال ابن قدامة (رحمه الله) : وقال آخرون: ليس هذا نسخا، فإن لفظة المشركين بإطلاقها لا تتناول أهل الكتاب، بدليل قوله سبحانه: {لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين} [البينة: 1] . وقال: {إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين} [البينة: 6] . وقال: { لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا} [المائدة: 82] . وقال: {ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين} [البقرة: 105] . وسائر آي القرآن يفصل بينهما، فدل على أن لفظة المشركين بإطلاقها غير متناولة لأهل الكتاب.

ولا فرق بين الكتابيين المعاصرين والسابقين في هذا الحكم. قال الشيخ رشيد رضا (رحمه الله) :  استنبط بعض الفقهاء في هذا المقام مسألة جعلوها محل النظر والاجتهاد، وهي: هل العبرة في حل طعام أهل الكتاب والتزوج منهم بمن كانوا يدينون بالكتاب كالتوراة والإنجيل كيفما كان كتابهم وكانت أحوالهم وأنسابهم، أم العبرة باتباع الكتاب قبل التحريف والتبديل، وبأهله الأصليين; كالإسرائيليين من اليهود؟ المتبادر من نص القرآن ومن السنة وعمل الصحابة أنه لا وجه لهذه المسألة ولا محل; فالله - تعالى - قد أحل أكل طعام أهل الكتاب، ونكاح نسائهم على الحال التي كانوا عليها في زمن التنزيل، وكان هذا من آخر ما نزل من القرآن ; وكان أهل الكتاب من شعوب شتى، وقد وصفهم بأنهم حرفوا كتبهم، ونسوا حظا مما ذكروا به، في هذه السورة نفسها، كما وصفهم بمثل ذلك فيما نزل قبلها، ولم يتغير يوم استنبط الفقهاء تلك المسألة شيء من ذلك. تفسير المنار. 
وعليه؛ فيجوز للمسلم أن يتزوج الكتابية (اليهودية أو النصرانية) وقد بينا وجه إباحة الزواج منهم دون سائر الكفار في الفتوى رقم: 95680.

لكن يشترط لحل زواج المسلم من الكتابية أن تكون محصنة (أي عفيفة) أما غير المحصنة فلا؛ وانظر الفتوى رقم:80265.
والأولى للمسلم أن يتزوج مسلمة ذات دين ؛ ولا يتزوج كتابية؛ لما في الزواج من الكتابيات من المخاطر لا سيما في هذه الأزمان؛ وانظر الفتوى رقم: 5315.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة