الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل تجب مفارقة الزوجة النصرانية التي لم تعد تؤمن بدِينها ولم تُسلِم؟

السؤال

تزوّجت بفتاة نصرانية منذ سنة ونصف، ولم أكن أرغب فيها، لكن والدي أصرّ على أن أتزوّجها؛ لأنها يتيمة. وقد تزوّجتها على سنة رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، وكانت في حال سيئة جدًّا، فقد كانت مدمنة على الكحول والمخدّرات، وهزيلة، وضعيفة، ووجهها مليء بالكدمات. فتزوّجتها، وأحسنت إليها، ولبثت معها أشهرًا لم أَدْعُها للإسلام؛ لأني أعلم أن النصارى لديهم مناعة قوية من الإسلام، بل كان جُلُّ اهتمامي بصحّتها العضوية والنفسية.
وكنت أصلّي أمامها، وأقرأ القرآن الكريم، وأقوم الليل، ولم أزعجها أبدًا؛ حتى تحسّنت صحتها، وفيما بعد أصبحت من تلقاء نفسها تنتقد أشياء في الإسلام، وتناقشني، وتقول لي: لماذا كذا وكذا؟ فأبيّن لها برِفق، وهي متعلّقة بي بشدّة، ولا تصبر ساعة على فراقي، وأنا أحبّها جدًّا، وأسأل الله دائمًا أن يهديها، وهي تقول لي: إنني قد غيّرتها تمامًا، فقد كانت حاقدة على الإسلام والمسلمين، أما الآن فهي تحترم الإسلام جدًّا.
وقد أمرتها بالحجاب؛ فلم توافق؛ فجئتها بالتدريج، فقلت لها بداية إنها عربية، ويجب أن تكون عفيفة وغير متبرّجة، وهذا من ثقافة العرب. فلبست العباءة، ولكني تعجّبت أنها بعد فترة لبست الحجاب من تلقاء نفسها.
ومن كثرة انتقادي للديانة النصرانية، قالت لي: إنها لم تعد تؤمن بها، وأنها تؤمن بأن الله واحد، لكنها غير مقتنعة بالإسلام. وتقول لي دائمًا: إنها ترغب في اعتناق الإسلام؛ كي تتقرّب مني. وأحيانًا أخرى تقول لي: كأني أعرف أن الإسلام هو الحق، لكني لا أعلم لماذا لا أسلم!؟
فهل يجب عليّ فراقها؛ لأنها لم تعد من أهل الكتاب، أم أبقى معها عسى الله أن يهديها؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإذ قصدت بكونها لم تعد تؤمن بالنصرانية: أنها تؤمن بأن الله واحد على خلاف عقيدة التثليث فهذا ليس ردة منها عن دينها، وأما لو كان المقصود أنها فارقت النصرانية، وأصبحت لا دين لها؛ فقد صارت مرتدة، فينفسخ نكاحها بذلك. فإن دخلت في الإسلام أثناء العدة، أو رجعت لدِين أهل الكتاب؛ فإنها ترجع إليك بالنكاح الأول. وإن بقيت على هذه الحال؛ حتى انقضت العدة؛ فقد زالت العصمة بينكما.

قال الشافعي في كتابه الأمّ: إذا نكح المسلم الكتابية، فارتدت إلى مجوسية، أو دين غير دين أهل الكتاب. فإن رجعت إلى الإسلام، أو إلى دين أهل الكتاب قبل انقضاء العدة؛ فهما على النكاح. وإن لم ترجع حتى تنقضي العدة؛ فقد انقطعت العصمة بينها وبين الزوج، ولا نفقة لها في العدّة؛ لأنها مانعة له نفسها بالردّة. انتهى.

وننصح بالاجتهاد في ترغيبها في الدخول في الإسلام؛ لتنال سعادة الدنيا والآخرة بإسلامها، وتنال أنت الأجر العظيم بالتسبّب في هدايتها.

فقد ثبت في الصحيحين من حديث سهل بن سعد الساعدي -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لعلي -رضي الله عنه- حين بعثه إلى خيبر: ثم ادعهم إلى الإسلام، وأخبرهم بما يجب عليهم. فوالله، لأن يُهدى بك رجل واحد، خير لك من حُمر النَّعَم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني