الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الأصل بقاء النكاح حتى يثبت الطلاق بإقرار أو بيِّنة

السؤال

أرغب في الزواج من امرأة أجنبية مسيحية، كانت متزوجة من شخص مسلم، وبينهما عقد شرعي في إحدى الدول العربية. ونتيجة لعدم ارتياحها مع زوجها، ونفورها منه، هجرتْه منذ سنة ونصف السنة تقريباً، وتركت تلك الدولة دون رضاه، وقَدِمت إلى الدولة التي أنا موجود فيها، وبالتواصل معه كان متعنتًا رافضًا للطلاق، ويرغب في تعويض مادي عن المصاريف التي صرفها عليها أثناء وجودهما معًا، ولكنه مؤخرًا أخبرها بأنه قد طلقها، دون تزويدها بنسخة من ورقة الطلاق، قائلًا بأنه شخص صادق، وعليها فقط أن تثق بكلامه.
وأنا مسلم، وأرغب في الزواج منها، وهذا ممكن في الدولة العربية التي أعيش فيها، لكون هذه المرأة بالنسبة لبلد الإقامة الحالي، وأيضًا بالنسبة لدولتها الأم، تعتبر امرأة حرة، حيث إنهم لا يعترفون بعقد الزواج الإسلامي الشرعي في دولتها، وليس هنالك أيُّ دليل على أنها متزوجة في بلد الإقامة الحالي الذي نحن فيه، ولكنني أرغب في أن يكون وضعي معها سليم شرعًا.
فهل تعتبر الآن مطلقة، استنادًا لكلام زوجها السابق، الذي أكد هذا عبر رسالة نصية، كما شرحت لكم؟ أم أن هذا لا يكفي من الناحية الشرعية؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فمن المقرر عند الفقهاء أن الأصل بقاء النكاح، فتظل العصمة باقية بين الزوجين، حتى يثبت الطلاق، بإقرار الزوج، أو ببينة، وهي شهادة عدلين.

وبما أن هذه المرأة لم يثبت طلاق زوجها لها، فهي محكوم لها بكونها زوجة له في الظاهر، فلا يحل لها الزواج من غيره.

وقد نص الفقهاء على أن المرأة التي طلقها زوجها، وأنكر الطلاق، لا يحل لها تمكينه من نفسها، وتهرب منه، لكن لا تتزوج حتى يظهر طلاقها.

قال البهوتي الحنبلي في كشاف القناع: ولا تتزوج غيره حتى يظهر طلاقها، لئلا يتسلط عليها شخصان، أحدهما يظهر النكاح، والآخر يبطنه. اهـ

وهذا المحذور وارد هنا، فقد ينكر زوجها أنه أرسل هذه الرسالة، أو يعترف بأنه أرسلها، ويدعي أنه لم ينو بذلك طلاقها، والطلاق بالكتابة يعتبر من جنس الكناية، لا يقع إلا إذا نواه الزوج، كما هو مبين في الفتوى: 8656.

ومثل هذه الأحوال التي فيها ادعاء ينبغي أن تراجع فيها المحكمة الشرعية، فيمكن للقاضي أن يسمع من الطرفين، ويطلب البينات، ويستبين فيما يحتاج إلى بيان.

وعلى كل حال؛ فالنساء غيرها كثير، فابحث عن امرأة مسلمة صالحة، تعينك على أمر دينك ودنياك، وإن قدر لك منها ذرية، أعانتك في تربيتهم، على عقيدة الإسلام، وعلى الخير والفضيلة.

هذا مع التنبيه إلى أن أهل العلم قد ذكروا أن الزواج من الكتابية، وإن كان جائزا في الأصل، إلا أنه لا يخلو من محاذير شرعية، سبق بيان بعضها في الفتويين: 5315، 124180.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني