كفارة من طاف محدثا على الفور أم التراخي؟

0 208

السؤال

كان الجواب عن السؤال رقم: 2461809 بذبح شاة، فهل يحرم علي ما يحرم على المحرم؟ وهل ذبح الشاة له وقت؟ أم متى ما سنحت لي الفرصة؟ أرجو الرد بسرعة.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

 فلا يحرم عليك ما يحرم على المحرم؛ قال الكاساني في البدائع: وإذا لم تكن الطهارة من شرائط الجواز فإذا طاف وهو محدث، أو جنب، وقع موقعه، حتى لو جامع بعده لا يلزمه شيء؛ لأن الوطء لم يصادف الإحرام؛ لحصول التحلل بالطواف، هذا إذا طاف بعد أن حلق، أو قصر، ثم جامع.

وأما مسألة وقت الكفارة، هل هي على الفور أم على التراخي: فعند الحنفية - وهم من يقولون بلزوم الدم، وإجزاء الطواف بغير طهارة - أن كل كفارة فهي على التراخي؛ قال الكاساني: والثانية: أن الكفارات كلها واجبة على التراخي هو الصحيح من مذهب أصحابنا في الأمر المطلق عن الوقت، حتى لا يأثم بالتأخير عن أول أوقات الإمكان، ويكون مؤديا، لا قاضيا، ومعنى الوجوب على التراخي هو أن يجب في جزء من عمره غير عين، وإنما يتعين بتعيينه فعلا، أو في آخر عمره بأن أخره إلى وقت يغلب على ظنه أنه لو لم يؤد فيه لفات، فإذا أدى فقد أدى الواجب، وإن لم يؤد حتى مات أثم لتضييق الوجوب عليه في آخر العمر.

وجاء في حاشية ابن عابدين في باب: الجنايات في الحج: في شرح النقاية للقاري: ثم الكفارات كلها واجبة على التراخي، فيكون مؤديا في أي وقت، وإنما يتضيق عليه الوجوب في آخر عمره في وقت يغلب على ظنه أنه لو لم يؤده لفات، فإن لم يؤد فيه حتى مات أثم.

ثم نقل بعدها عن اللباب: ولو طاف للعمرة كله، أو أكثره، أو أقله، ولو شوطا جنبا، أو حائضا، أو نفساء، أو محدثا، فعليه شاة، لا فرق فيه بين الكثير والقليل، والجنب والمحدث.

وأما الشافعية - وعليه الفتوى عندنا - فيفرقون بين من تعدى، فكفارته على الفور، بينما من لم يتعد فكفارته على  التراخي، كما في الفتوى رقم: 135597.

وكونك أتممت الطواف مع علمك بوجوب الوضوء له عدوان يوجب أن تكون الكفارة على الفور؛ وجاء في حاشية الجمل: قوله: (على ما قرروه في الكفارات) أي من أنه إن عصى بالسبب وجب الفور، وإلا فلا.

وهذا القول أحوط، لا سيما أن من أهل العلم من يوجب الكفارات على الفور مطلقا - وهو نص أحمد في كفارة اليمين والنذر، حكاه صاحب الإنصاف، وغيره؛ وجاء في فتاوى ابن باز - رحمه الله - في إيجاب الهدي على تارك طواف الوداع: وهو واجب على الفور؛ لأن الأدلة الشرعية قد دلت على أن الأوامر على الفور، إلا ما نص الشرع على التوسيع فيه، وذلك أبلغ في الامتثال، وأبعد من خطر الترك، أو النسيان.

وبذلك أفتى العلامة العثيمين - رحمه الله - كما في مجموع فتاواه برقم: 733.

وقال في الشرح الممتع: الكفارات تجب على الفور، إلا ما نص الشرع فيها على التراخي.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة