حكم الصلاة إذا نسي الإمام ركنًا أو شرطًا أو تعمد ترك أحدهما

0 346

السؤال

ما الحكم إذا نسي الإمام ركنا أو شرطا؟ وما الحكم إذا فعل ذلك عمدا؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

 فمن ترك ركنا من الصلاة عامدا عالما قادرا عليه بطلت صلاته في الحال، وكذا إن زاد والحال كذلك، ولا يصح الاقتداء به لا في الزيادة ولا في النقصان، وتبطل صلاة من اقتدى به عالما بحاله، بل تجب على المأموم نية مفارقته في الحال، وإتمام ما بقي من الصلاة منفردا.

أما إن ترك الإمام الركن ناسيا فيذكره المأموم بالتسبيح، فإن لم يفهم بالتسبيح فقد قال بعض العلماء يذكر بالقرآن بقصد التلاوة، لا لمجرد الخطاب، وإلا بطلت صلاته، كأن ينسى الإمام سجدة فيقول له المأموم: فاسجدوا لله واعبدوا {النجم:62}، أو ينسى الركوع فيقول له: واركعوا مع الراكعين {البقرة:43}، فهذا جائز على المعتمد عند الشافعية والحنابلة.

قال النووي: [الكلام المبطل للصلاة هو ما سوى القرآن، والذكر، والدعاء، ونحوها، فأما القراءة، والذكر، والدعاء، ونحوها، فلا تبطل الصلاة بلا خلاف عندنا... فلو أتى بشيء من نظم القرآن بقصد القراءة فقط، أو بقصد القراءة مع غيرها، كتنبيه إمامه، أو غيره، أو الفتح على من ارتج، أو تفهيم أمر، كقوله لجماعة، أو واحد، يستأذنون في الدخول: {ادخلوها بسلام آمنين}، أو استؤذن في أخذ شيء فيقول: {يا يحيى خذ الكتاب بقوة}، وما أشبه هذا، فهذا كله لا يبطل الصلاة، سواء قصد القراءة أو القراءة مع الإعلام، وسواء كان قد انتهى في قراءته إلى تلك الآية، أو أنشأ قراءتها حينئذ]. اهـ.

قال ابن قدامة: [فأما إن أتى بما لا يتميز به القرآن من غيره، كقوله لرجل اسمه إبراهيم: {يا إبراهيم}. أو لعيسى: {يا عيسى}. ونحو ذلك، فسدت صلاته؛ لأن هذا كلام الناس، ولم يتميز عن كلامهم بما يتميز به القرآن، فأشبه ما لو جمع بين كلمات متفرقة في القرآن، فقال: يا إبراهيم خذ الكتاب الكبير]. اهـ.

فإن لم يفهمه بالقرآن، أو لم يستحضر المأموم آية، فلا بأس أن ينبه بدعاء الله جل وعلا، كأن يقول المأموم: اللهم ذكره بكذا وكذا، مخاطبا الله -جل وعلا-، لا مخاطبا المخلوق.

قال النووي: [قال أصحابنا: وإنما يباح من الدعاء ما ليس خطابا لمخلوق، فأما ما هو خطاب مخلوق غير رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيجب اجتنابه، فلو قال لإنسان: غفر الله لك، أو رضي الله عنك، أو عافاك الله، ونحو هذا، بطلت صلاته؛ لحديث معاوية، ولو سلم على إنسان أو سلم عليه إنسان، فرد عليه السلام بلفظ الخطاب فقال: وعليك السلام، أو قال لعاطس: رحمك الله، أو يرحمك الله، بطلت صلاته... فلو رد السلام، وشمت العاطس بغير لفظ خطاب فقال: وعليه السلام، أو يرحمه الله، لم تبطل صلاته باتفاق الأصحاب لأنه دعاء محض]. اهـ.

وقد اختصر ابن النقيب ما ذكرنا في "عمدة السالك" إذ قال: [ولا تبطل الصلاة بالذكر، وتبطل بالدعاء خطابا: كرحمك الله، وعليك السلام، لا غيبة: كرحم الله زيدا. ولو نابه شيء في الصلاة سبح الرجل، وصفقت المرأة ببطن اليمنى على ظهر اليسرى، لا بطنا ببطن. ولو تكلم بنظم القرآن كـ {يا يحيى خذ الكتاب}، وقصد إعلامه فقط، أو أطلق، بطلت، أو تلاوة فقط، أو تلاوة وإعلاما فلا ]. اهـ.

فإن لم يفهم بكل ذلك، فله أن ينبهه بكلام بقدر الحاجة، لمصلحة الصلاة، كأن يقول له: التشهد، أو بقي ركعة، وغير ذلك، وهو ما رجحناه في فتاوى سابقة، كالفتوى رقم: 49385. وانظر الفتوى رقم: 110881.

فهذا ما يفعله المأموم في حال نسيان الإمام ركنا، فإن استجاب الإمام فذاك، وإن لم يرجع لم يجز للمتيقن متابعته، بل ينوي مفارقته، ويتم الصلاة منفردا كما ذكرنا، فإن تابعه بطلت صلاته.

ثم إذا تذكر الإمام، ورجع مباشرة، فإنه يسجد للسهو قبل السلام من صلاته.

وإن تذكروا بعد السلام فقد سبق أن فصلناه في الفتوى رقم: 136130.

وأما نسيان شرط الصلاة: ففيه تفصيل كثير لا تسعه هذه الفتوى، إذ لكل شرط حكمه والخلاف الذي يخصه.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى: [وكذلك من نسي طهارة الحدث وصلى ناسيا: فعليه أن يعيد الصلاة بطهارة بلا نزاع حتى لو كان الناسي إماما كان عليه أن يعيد الصلاة، ولا إعادة على المأمومين إذا لم يعلموا عند جمهور العلماء، كمالك، والشافعي، وأحمد في المنصوص المشهور عنه... وأما من نسي طهارة الخبث -أي النجاسة- فإنه لا إعادة عليه في مذهب مالك، وأحمد في أصح الروايتين عنه، والشافعي في أحد قوليه؛ لأن هذا من باب فعل المنهي عنه، وتلك من باب ترك المأمور به... وطرد ذلك فيمن تكلم في الصلاة ناسيا... وهنا مسائل تنازع العلماء فيها: مثل من نسي الماء في رحله، وصلى بالتيمم " وأمثال ذلك ليس هذا موضع تفصيلها]. انتهى.

واختلفوا في جاهل الحكم؛ هل يعيد ما صلاه مع ترك الشرط أو الركن أم لا؟ وكذا إذا كان عاجزا عن الشرط ولا بدل، هل يعيد إذا قدر عليه أم لا؟ وفي ذلك تفصيل كثير عند الفقهاء, لا تسعه هذه الفتوى.

ولعلك تستفيد في ذلك من الفتاوى التالية أرقامها: 98617، 104802، 123087.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات