الأدلة على تكلم الله بالقرآن بصوت وحرف

0 177

السؤال

علمنا من الأدلة أن الله عز وجل متكلم إذا شاء، وعلمنا أن القرآن كلام الله. لكن الله تعالى إذا أمر القلم أن يكتب القرآن، كان هذا القرآن كلامه؟
فما الدليل على أنه تكلم بالقرآن حرفا وصوتا، وما الدليل على أن جبريل عليه السلام سمعه منه؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فالقرآن الكريم هو كلام الله، غير مخلوق، وقد تكلم الله به حقيقة بصوت وحرف، وأسمعه جبريل، ونزله على محمد صلى الله عليه وسلم.

وهذا ما دل عليه القرآن، والسنة، وهو مذهب السلف قاطبة، قال الله تعالى: وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه ذلك بأنهم قوم لا يعلمون {التوبة:6}.

وجاءت الآيات مصرحة بأن القرآن منزل من رب العالمين، كقوله: وإنه لتنزيل رب العالمين (الشعراء:192). وقوله: تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم (الزمر:1).  وقوله تعالى: وما هو بقول شاعر قليلا ما تؤمنون * ولا بقول كاهن قليلا ما تذكرون * تنزيل من رب العالمين. (الحاقة:41-43).  وقوله تعالى: طه * ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى * إلا تذكرة لمن يخشى * تنزيلا ممن خلق الأرض والسموات العلى. (طه:1-4).

وقوله تعالى: يس * والقرآن الحكيم * إنك لمن المرسلين * على صراط مستقيم * تنزيل العزيز الرحيم * لتنذر قوما ما أنذر آباؤهم فهم غافلون (يس: 1-6).

 وقوله تعالى:  حم * تنزيل من الرحمن الرحيم * كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا لقوم يعلمون {فصلت:1- 3}

وقوله تعالى: إن الذين كفروا بالذكر لما جاءهم وإنه لكتاب عزيز* لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد [فصلت:41-42].

وجاء في بعض الآيات أن جبريل هو الذي نزل به من عند الله تعالى، كما في قول  الله تعالى: نزل به الروح الأمين* على قلبك لتكون من المنذرين * بلسان عربي مبين  [الشعراء: 193-194]، وقال تعالى: قل نزله روح القدس من ربك بالحق {النحل:102}.

وقد ثبت النقل عن السلف أن جبريل سمع القرآن من الله تعالى.

قال شيخ الإسلام في الفتاوى: ومذهب سلف الأمة، وأئمتها، وخلفها أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع القرآن من جبريل، وجبريل سمعه من الله عز وجل. اهـ.

وقال أيضا في موضع آخر: والنبي سمعه من جبريل، وهو الذي نزل عليه به، وجبريل سمعه من الله تعالى، كما نص على ذلك أحمد وغيره من الأئمة، قال تعالى: قل من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك بإذن الله، وقال تعالى: نزل به الروح الأمين * على قلبك لتكون من المنذرين * بلسان عربي مبين، وقال تعالى: وإذا بدلنا آية مكان آية والله أعلم بما ينزل قالوا إنما أنت مفتر بل أكثرهم لا يعلمون * قل نزله روح القدس من ربك بالحق. فأخبر سبحانه أنه نزله روح القدس، وهو الروح الأمين وهو جبريل من الله بالحق.... اهـ.

وقال ابن حجر في فتح الباري: والمنقول عن السلف اتفاقهم على أن القرآن كلام الله غير مخلوق، تلقاه جبريل عن الله، وبلغه جبريل إلى محمد عليه الصلاة والسلام، وبلغه صلى الله عليه وسلم إلى أمته. اهـ.

وقد أوضح شيخ الإسلام ابن تيمية التوفيق بين أثر ابن عباس، وما ثبت من سماع جبريل القرآن من الله.

فقال في مجموع الفتاوى، بعد كلام طويل في إثبات أن القرآن منزل من الله: وهذا لا ينافي ما جاء عن ابن عباس، وغيره من السلف في تفسير قوله: إنا أنزلناه في ليلة القدر. أنه أنزله إلى بيت العزة في السماء الدنيا، ثم أنزله بعد ذلك منجما مفرقا بحسب الحوادث، ولا ينافي أنه مكتوب في اللوح المحفوظ قبل نزوله، كما قال تعالى: بل هو قرآن مجيد * في لوح محفوظ. وقال تعالى: إنه لقرآن كريم * في كتاب مكنون * لا يمسه إلا المطهرون. وقال تعالى: كلا إنها تذكرة * فمن شاء ذكره * في صحف مكرمة * مرفوعة مطهرة * بأيدي سفرة * كرام بررة. وقال تعالى: وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم. فإن كونه مكتوبا في اللوح المحفوظ، وفي صحف مطهرة بأيدي الملائكة، لا ينافي أن يكون جبريل نزل به من الله سواء كتبه الله قبل أن يرسل به جبريل، أو بعد ذلك، وإذا كان قد أنزله مكتوبا إلى بيت العزة جملة واحدة في ليلة القدر، فقد كتبه كله قبل أن ينزله. اهـ.

وراجع رسالة المحدث السجزي إلى أهل زبيد في الرد على من أنكر الحرف والصوت وهي موجودة على موقع الشاملة.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة