أحكام في إعارة الوصي كتب اليتيم أو التبرع بها أو بيعها

0 129

السؤال

أنا طالب علم، وقد تزوجت أم أيتام ورثوا من أبيهم -رحمه الله- مكتبة علمية نافعة جدا (وكان طالب علم)، فهل يجوز لي الانتفاع بهذه المكتبة؟ وهل من حق ولي الأيتام أن يتبرع لي أو لغيري بشيء منها؟ علما بأن الأيتام لن يستفيدوا مما في المكتبة إلا بعد خمسة عشر عاما تقريبا، وتعطيل المكتبة كل هذه المدة قد يؤدي إلى تلفها.
وهل إذا اشتريت هذه المكتبة من مالي يكون الولي قد تصرف لهم بالمصلحة؟
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:

فإن قراءتك في كتب أولئك الأيتام هي من باب الاستعارة، وقد اختلف أهل العلم في حكم إعارة مال اليتيم؛ جاء في الموسوعة الفقهية: اختلف الفقهاء في جواز إعارة الوصي مال الصغير، فذهب جمهور الفقهاء إلى أنه ليس للوصي إعارة مال الموصى عليه؛ لأن الإعارة تمليك أو إباحة للمنفعة بغير عوض، وهي نوع من التبرع ينافي المقصود من الوصية وهو الحفظ، ولأنه لا حظ فيها للموصى عليه، فتكون ضررا محضا بالنسبة له، فلا يملكها الوصي، وذهب بعض الحنفية في الاستحسان إلى أن للوصي إعارة مال الموصى عليه. اهـ.

وليس من حق الوصي عليهم أو وليهم أن يتبرع لك بشيء من كتبهم، ولا غيرها من مالهم، فمال اليتيم يجب النظر فيه بالأصلح له والأحظ؛ قال تعالى: ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا {الإسراء:34}.

وفي منح الجليل للسيد عليش المالكي: إنما للوصي في مال اليتيم فعل ما يبقيه أو ينميه. انتهى.

وجاء في الموسوعة الفقهية أيضا: لا خلاف بين الفقهاء في أنه لا يجوز للولي أن يتصرف في مال المحجور إلا على النظر والاحتياط، وبما فيه حظ له واغتباط، لحديث: لا ضرر ولا ضرار. وقد فرعوا على ذلك أن ما لا حظ للمحجور فيه؛ كالهبة بغير العوض، والوصية، والصدقة، والعتق، والمحاباة في المعاوضة -لا يملكه الولي، ويلزمه ضمان ما تبرع به من هبة، أو صدقة، أو عتق، أو حابى به، أو ما زاد في النفقة على المعروف، أو دفعه لغير أمين، لأنه إزالة ملكه من غير عوض فكان ضررا محضا. اهـ.

وأما هل لك أن تشتري كتبهم؟ فاعلم أن الأصل أنه لا يجوز أن يباع مال الصغير إلا من قبل الحاكم أو الوصي عليه أو الأب؛ جاء في فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك: ولا يجوز لأحد أن يبيع على صبي إلا الأب والوصي والحاكم ... اهـ. وهؤلاء لا يبيعون إلا إذا كان في البيع مصلحة للصغير، فإذا كان في إبقاء المكتبة إتلاف للكتب، ورأى الوصي عليهم أو وليهم أن من المصلحة لهم بيعها، فلا حرج عليه في ذلك؛ ففي الموسوعة: يجوز للوصي وللحاكم أو من يقيمه أن يبيع ما تدعو الضرورة لبيعه من مال اليتيم ... اهـ.

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة