خبر زرقاء اليمامة وحكم اللعبة التي تشتمل على شخصية باسمها وصفتها

0 373

السؤال

هناك شخصية سمعت عنها قبل شهر تقريبا، وهي (زرقاء اليمامة)، ورأيت من يقول إنها كانت تبصر لمسيرة الراكب ثلاثة أيام، وأنها كانت يهودية، وكانت تريد قتل آمنة بنت وهب أم الرسول صلى الله عليه وسلم. فهل ذلك حقيقي؟
وإن لم يكن حقيقيا، فلو سمحتم نبذة مختصرة عن سيرتها؟
وأيضا عرفت هذه الشخصية من خلال لعبة اسمها بيرق، وكانت فيها من أنواع الجنود نوع اسمه زرقاء اليمامة، وهم يقصدون بها زرقاء اليمامة التي تبصر ثلاثة أيام، وذلك مكتوب في اللعبة نفسها في تعريف الجندي. فما حكم اللعبة؟
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فخبر زرقاء اليمامة مشهور جدا في كتب التاريخ والتراجم والأدب، وكانت مضرب المثل في حدة البصر.

قال الميداني في مجمع الأمثال: (أبصر من زرقاء اليمامة) واليمامة: اسمها، وبها سمي البلد، وذكر الجاحظ أنها كانت من بنات لقمان بن عاد، وأن اسمها عنز ... قال محمد بن حبيب: هي امرأة من جديس، كانت تبصر الشيء من مسيرة ثلاثة أيام، فلما قتلت جديس طسما، خرج رجل من طسم إلى حسان بن تبع، فاستجاشه ورغبه في الغنائم، فجهز إليهم جيشا، فلما صاروا من جو على مسيرة ثلاث ليال صعدت الزرقاء فنظرت إلى الجيش، وقد أمروا أن يحمل كل رجل منهم شجرة يستتر بها ليلبسوا عليها، فقالت: يا قوم قد أتتكم الشجر، أو أتتكم حمير، فلم يصدقوها، فقالت على مثال رجز:
أقسم بالله لقد دب الشجر ... أو حمير قد أخذت شيئا يجر
فلم يصدقوها، فقالت: أحلف بالله لقد أرى رجل، ينهس كتفا، أو يخصف النعل. فلم يصدقوها، ولم يستعدوا حتى صبحهم حسان فاجتاحهم، فأخذ الزرقاء فشق عينيها فإذا فيهما عروق سود من الإثمد، وكانت أول من اكتحل بالإثمد من العرب ... اهـ.
وبهذا ذكرها المؤرخون، كابن الجوزي في المنتظم في تاريخ الملوك والأمم.

وقال النووي في تهذيب الأسماء واللغات عند ذكر اليمامة: سميت باسم جارية زرقاء كانت تبصر الراكب من مسيرة ثلاثة أيام، يقال: أبصر من زرقاء اليمامة. فسميت اليمامة لكثرة ما أضيفت إليها .. اهـ.
وذكرها الزركلي في الأعلام في حرف الزاي (الزرقاء).
وسئل الشيخ ابن عثيمين: بعض أطباء العيون يقولون: إن الكحل يضر بالعين، وينصحون بعدم استعماله. فماذا تقولون لهم؟ فأجاب بقوله: الإثمد معروف أنه جيد ونافع للعين، وغيره من أنواع الكحل لا أعرف عنه شيئا، والأطباء الأمناء هم مرجعنا في هذه المسألة. ويقال: إن زرقاء اليمامة التي تبصر من ثلاثة أيام لما قتلت رأوا أن عروق عينها كلها متأثرة بهذا الإثمد. اهـ.
وقد جرى الاستشهاد بحال زرقاء اليمامة في كتب العقائد والفقه.

فمن الأول قول الحليمي في المنهاج في شعب الإيمان، في معرض بيانه لإذكاء بصر النبي صلى الله عليه وسلم حتى يدرك الشيء النائي، قال: ومعلوم أن البصراء يتفاوتون في البصر تفاوتا بعيدا. وقد كانت زرقاء اليمامة تدرك الشيء من مسيرة ثلاث، وقصتها في ذلك مشهورة. اهـ.
ومن الثاني قول الشيخ ابن عثيمين في الشرح الممتع، في شرط مفارقة البنيان في الترخص برخص السفر، قال: والمفارقة: ليس المراد بها أن يغيب عن قريته؛ لأنها ربما لا تغيب عن نظره إلا بعد مسافة طويلة، وقد ذكر أن زرقاء اليمامة تبصر من مسيرة ثلاثة أيام، بل المراد بالمفارقة: المفارقة البدنية، لا المفارقة البصرية، أي: أن يتجاوز البيوت ولو بمقدار ذراع، فإذا خرج من مسامتة البيوت ولو بمقدار ذراع، فإنه يعتبر مفارقا. اهـ. 

أما  قصتها مع آمنة فلا نعتقد أن لها أصلا، فالفترة الزمنية بين اندثار قبائل طسم وجديس، وبين وجود بني هاشم إن لم نقل قريشا، طويلة جدا، تكذب هذه القصة.

أما كونها يهودية فلا علم لنا بذلك.
وأما مسألة اللعبة المذكورة، فإن لم يكن بها شيء سوى حال الجندي المسمى باسم زرقاء اليمامة، فلا حرج فيها، وقد سبق لنا بيان ضوابط ما يحل من الألعاب الإلكترونية وما يحرم، وذلك في الفتوى رقم: 121526 وما أحيل عليه فيها. 

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة