حكم التقاط الأشياء الثمينة الملقاة في صناديق القمامة

0 21

السؤال

أعرف أشخاصا يعملون في جمع الأشياء المستعملة من القمامة، حيث لديهم دراجات نارية بعربات يتجولون بها ليلا في الشوارع، لنبش حاويات القمامة، وجمع مواد مثل البلاستيك والكرتون والمعادن. سمعت قصصا عن بعض الأشخاص -في حالات نادرة- أصبحوا أغنياء، ولديهم سيارات فارهة بسبب هذا العمل، حيث قد يجد الشخص مالا أو ذهبا، أو أشياء ثمينة ملقاة في القمامة، فيأخذها ويبيعها دون التحقق من صاحبها.
ما حكم ما يفعلون؟
علما أنه توجد أعمال ووظائف أخرى، ولكنهم يقولون إن هذا العمل أسهل بكثير وأربح، حيث يعملون لساعات قليلة في الليل، ويجمعون مالا أكثر من راتب الموظف بقليل في الغالب.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالأشياء التي رماها أصحابها في القمامة رغبة عنها كعلب البلاستيك والكراتين ونحوها، لا حرج في الانتفاع بها.

وقد نص الفقهاء على أن من أخذ ما يرميه الناس كان أحق به.

قال المرداوي -الحنبلي- في الإنصاف: ومن سبق إلى مباح كصيد، وعنبر، وسمك، ولؤلؤ، ومرجان، وحطب، وثمر، وما ينتبذه الناس رغبة عنه، فهو أحق به. اهــ.

وفي التنبيه لأبي إسحاق الشيرازي -الشافعي-: وما يرميه الناس رغبة عنه, أو انتثر من الزروع والثمار وتركوه رغبة عنه. فأخذ شيئا منه؛ ملكه. اهــ.

وسبق بيان جواز الانتفاع بالأشياء النافعة التي ترمى في الفتوى: 72778.

وأما التكسب بالتنقيب عن تلك الأشياء في القمامة، ونحوها من الحرف الدنيئة في عرف الناس. فقد ذهب بعض الفقهاء إلى كراهة كسب هذا النوع من الحرف إذا وجد المتكسب غيرها.

جاء في أسنى المطالب عن كراهة كسب الحجام بسبب ملابسة النجاسة: ولو كانت الصنعة دنيئة بلا مخامرة نجاسة كفصد وحياكة لم تكره؛ إذ ليس فيها مخامرة نجاسة، وهي العلة الصحيحة لكراهة ما مر عند الجمهور. وقيل: العلة دناءة الحرفة. قال البلقيني: وهو المعتمد المنصوص في الأم والمختصر، فعليه يكره ذلك. اهــ.

وفي الموسوعة الفقهية الكويتية: جمهور الفقهاء على أن المكاسب غير المحرمة كلها في الإباحة سواء، ولكن هذه الإباحة تكتنفها الكراهة إذا اختار المرء لنفسه أو ولده حرفة دنيئة إن وسعه احتراف ما هو أصلح منها. ومع هذا فقد قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: مكسبة فيها بعض الدناءة، خير من مسألة الناس. وقال ابن عقيل: يكره تعلم الصنائع الرديئة مع إمكان ما هو أصلح منها. اهــ.
وأما الأشياء الثمينة التي يجدها أولئك في القمامة كالذهب، فليس لواجدها أن يتملكها، بل حكمها حكم اللقطة؛ لأن مثل هذه الأشياء الثمينة لا يرميها الناس رغبة عنها، فهي قد رميت خطأ وسيبحث عنها أصحابها إذا افتقدوها، فهي لقطة.

وقد ذكرنا حكم اللقطة، وما يفعل بها، في الفتوى: 11132.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة