الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

اللقطة.. وأقوال العلماء في الانتفاع بها ... وضمانها

السؤال

ما حكم الإسلام في مال فقده صاحبه و لم يمكن الوصول إليه ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فإن من وجد مالاً لغيره سواء كان هذا المال نقوداً أو حلياً: ذهبا أو فضة ، أو غيرهما ، أو جهازاً ، أو غير ذلك مما له قيمة ، وجب عليه تعريفه ، أما ما لم يكن له قيمة ، ولا تتبعه نفس صاحبه ، فلا يجب تعريفه ، ويجوز أخذه ، قال الإمام ابن قدامة: (ولا نعلم خلافاً بين أهل العلم في إباحة أخذ اليسير والانتفاع به ، وقد روي ذلك عن عمر، وعلي ، وابن عمر ، وعائشة ، وبه قال عطاء ، وجابر بن زيد ، وطاوس ، والنخعي ، ويحيى بن أبي كثير ، ومالك ، والشافعي ، وأصحاب الرأي).
وأما تحديد اليسير ما هو:
فذهب الإمام أحمد وجماعة إلى عدم التحديد ، وأن الضابط فيه العرف.
وذهب الإمام مالك وأبو حنيفة إلى أنه لا يجب تعريف ما لا يقطع به السارق ، وهو ربع دينار عند مالك ، وعشرة دراهم عند أبي حنيفة ، والراجح في المسألة عدم التحديد ، وهو مذهب الحنابلة لعموم حديث زيد بن خالد في كل لقطة ونصه: (اعرف وكاءها ، وعفاصها ، ثم عرفها سنة ، فإن لم تعرف فاستنفقها ، ولتكن وديعة عندك ، فإن جاء طالبها يوماً من الدهر ، فادفعها إليه) فيجب إبقاء هذا الحديث على عمومه ، ولا يخرج منه إلا ما أخرجه الدليل ، ولم يرد بما ذكره الآخرون نص ، ولا ما هو في معنى ما ورد النص به ، ولأن التحديد والتقدير لا يعرف بالقياس ، وإنما يؤخذ من نص أو إجماع ، وليس فيما ذكروه نص ولا إجماع. ولكن يجوز أخذ ما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم من السوط ، والعصا ، والحبل ، وما قيمته كقيمة ذلك ، لما روى أبو داود عن جابر قال: رخَّص لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في العصا ، والسوط ، والحبل ، وأشباهه يلتقطه الرجل ينتفع به.
وهل الأفضل ترك ما وجده الإنسان من مال غيره أو أخذه؟
فمذهب أحمد أن الأفضل ترك الالتقاط.
ومذهب الشافعي: أنه إذا وجدها بمضيعة وأمن نفسه عليها ، فالأفضل أخذها.
وذهب أبو حنيفة وهو قول للشافعي إلى أخذها.
وقال مالك: إن كان شيئاً له بال يأخذه أحب إليَّ ويعرفه ، لأن فيه حفظ مال المسلم.
وإذا أخذ اللقطة وجب عليه أن يعرفها سنة في الأسواق ، وأبواب المساجد ، والصحف ، وأماكن اجتماع الناس.
وإذا عرفها حولاً فلم تعرف ، ملكها الملتقط ، وصارت من ماله -غنياً كان أو فقيراً- وهذا قول الحنابلة ، والشافعي ، إلا إذا جاء صاحبه فيضمنها له. وقال الحسن بن صالح ، والثوري ، وأصحاب الرأي: له حبسها ، أو التصدق بها ، فإذا جاء صاحبها ورضى بالأجر ، وإلا ضمنها الملتقط.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني