السؤال
منذ فترة، ساعدت صديقا على شراء جهاز، ورغبت أن يكون لي في ذلك أجر وثواب، فأخبرته أن يوكلني في شراء الجهاز، على أن أدفع الثمن بنفسي ويعطيني المبلغ لاحقا. لكنني لم أخبره بالسعر الحقيقي، بل أخبرته بسعر أقل -وكانت هذه نيتي منذ البداية- حيث تحملت الفرق من مالي الخاص.
فمثلا، إذا كان ثمن الجهاز مئة جنيه، أخبره أني اشتريته بثمانين فقط، وآخذ منه هذه الثمانين، وكأنني وجدته بسعر أرخص من سعر السوق.
ومضت الأيام، ثم قرأت بعض الفتاوى التي أثارت لدي تساؤلات، ولم أجد فتوى تنطبق على حالتي بشكل مباشر. فقد قرأت أن الوكيل لا يجوز له أن يبيع للموكل بأكثر من ثمن السلعة، أو أن يحتفظ بالفارق إذا اشتراها بسعر أقل، أو أن يأخذ عمولة دون علم الموكل. بل لا بد من إطلاع الموكل على السعر الحقيقي، لأن ذلك من باب الأمانة في التوكيل. فهل ما فعلته يدخل ضمن هذا الباب؟
كما أني قرأت أن الكذب محرم، ليس لذاته فقط، بل لما يترتب عليه من مفاسد، ولا يستثنى منه إلا في حال الضرورة، أو في حالات خاصة كدفع الضرر أو جلب مصلحة عظيمة، مع أن الأولى حينها استخدام المعاريض.
وقد بين العلماء أن تحقيق المقصود دون اللجوء إلى الكذب هو الأسلم، فإذا أمكن ذلك، لم يجز الكذب حينها.
أما أنا، فلا أرى في فعلي ضرورة ملجئة، فما أردت إلا المساعدة، واستغلال الفرصة لنيل الثواب، وكنت راضيا عن قراري في حينه، بل وظللت مطمئنا طوال هذه المدة. لكن بعد اطلاعي على هذه الفتاوى، بدأ القلق يتسلل إلى قلبي، ولم أعد أعلم أين يقع فعلي! هل هو في دائرة الحق أم الباطل؟ وهل يجوز لي تكراره مستقبلا؟
كل ما في الأمر أنني رأيت في هذا الأسلوب وسيلة سهلة للمساعدة، دون أن يرفض الطرف الآخر أو يشعر بذلك، ووسيلة كذلك لأصون نفسي من الرياء، لأنني كثير الشك في نيتي. وسبحان الله! كنت أظن أن في فعلي خيرا، فإذا بي اليوم أراه خيانة للأمانة، أو كذبا مبطنا!
أفتوني، جزاكم الله خيرا.