الترهيب من القول للأم: لو كنتِ في أيام الرسول ﷺ لما نزلت آيات البرّ

0 0

السؤال

ما حكم من قال لوالدته: "لو كنت في أيام الرسول ﷺ، لما نزلت آيات البر"؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فهذه الكلمة قبيحة منكرة، لما فيها من الأذى، وإساءة الأدب مع الوالدة، وانتقاص حقها في البر الذي يعد نوعا من العقوق المنهي عنه شرعا؛ فقد قال الله تعالى: فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما [الإسراء: 23].

مع ما يتضمنه هذا القول من الطعن والتشكيك في علم وحكمة الشارع الحكيم في تعميم الأمر ببر الوالدة، مهما كان حالها وظلمها وإساءتها، فحقها في البر ثابت لا يسقط في حال من الأحوال، ومهما بدر منها من إساءة، فإن ذلك لا يعدل ‏قطرة في بحر جودها وإحسانها، فلا يحل بحال مقابلة إساءتها بالإساءة؛ فإن الله قد أمر بالمصاحبة بالمعروف للوالدين المشركين اللذين يأمران ولدهما بالشرك، قال تعالى: وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا [لقمان:15].

وعقد البخاري في كتابه الأدب المفرد بابا أسماه: باب بر والديه وإن ظلما -وأورد تحته أثرا عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: ما من مسلم له والدان مسلمان، يصبح إليهما محتسبا، إلا فتح له الله بابين -يعني: من الجنة- وإن كان واحدا فواحد، وإن أغضب أحدهما، لم يرض الله عنه حتى يرضى عنه، قيل: وإن ظلماه؟ قال: وإن ظلماه. اهـ، ولمزيد الفائدة تراجع الفتاوى: 255355، 370030، 412744.

والواجب على من صدر منه ذلك أن يتوب إلى الله تعالى ولا يعود لمثل هذا، وعليه أن يبر أمه ويحسن إليها ويسعى في استرضائها بكل ممكن، وعليه أن يحفظ لسانه عن مقالة السوء؛ فإن اللسان قد يورد صاحبه المهالك. روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها، يزل بها في النار أبعد مما بين المشرق والمغرب.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة