هل يُكتَب للمعذور عن فعل الطاعة مثل ثواب القادر عليها؟

0 0

السؤال

من الله علي بالشفاء من سحر قديم جدا، وأنا حاليا لا أزال في مرحلة الشفاء بإذن الله، غير أن العارض كان متركزا في الرأس، فأصبح من الصعب علي القيام بالطاعات، كالتركيز في معاني القرآن، أو قيام الليل، أو أداء الصلاة؛ فأصبح قلبي لا يخشع، ولا أستطيع أن أركز فيما أقول، وأنسى تارة أي ركعة أنا فيها، وتارة أخرى أخلط السور، وأنسى إن كنت قد توضأت أم لا. والحمد لله على كل حال. فهل يتقبل الله مثل هذه الطاعات الناقصة؟ أشعر أن همتي قد ضعفت، وصرت في أغلب الوقت لا أقدر على النهوض لأداء العبادات من شدة ضعف الهمة. شكرا لكم.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإنا نسأل الله أن يمن عليك بتمام العافية، ونوصيك بمواصلة الرقية، والإكثار من الدعاء حتى تتعافي مما تعانين منه.

وعليك بكثرة سماع القرآن، ومجالسة الصالحات، ومطالعة كتب الرقائق وسير السلف.

واعلمي أنه يرجى لمن كان عازما على الطاعة عزما صادقا، وعجز بسبب ما، أن ينال أجر ما عزم على فعله؛ وذلك لما روى البخاري عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رجع من غزوة تبوك، فدنا من المدينة، فقال: إن بالمدينة أقواما ما سرتم مسيرا، ولا قطعتم واديا إلا كانوا معكم، قالوا: يا رسول الله: وهم بالمدينة؟ قال: وهم بالمدينة، حبسهم العذر.

وروى البخاري مرفوعا: إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيما صحيحا.

وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: من توضأ فأحسن وضوءه، ثم راح فوجد الناس قد صلوا؛ أعطاه الله عز وجل مثل أجر من صلاها وحضرها، لا ينقص ذلك من أجرهم شيئا. رواه الحاكم وصححه، ووافقه الذهبي.

وقال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (23/ 236): وهذه "قاعدة الشريعة" أن من كان عازما على الفعل عزما جازما، وفعل ما يقدر عليه منه، كان بمنزلة الفاعل، فهذا الذي كان له عمل في صحته وإقامته عزمه أنه يفعله، وقد فعل في المرض والسفر ما أمكنه، فكان بمنزلة الفاعل، كما جاء في السنن: فيمن تطهر في بيته، ثم ذهب إلى المسجد يدرك الجماعة فوجدها قد فاتت، أنه يكتب له أجر صلاة الجماعة، وكما ثبت في الصحيح من قوله صلى الله عليه وسلم: {إن بالمدينة لرجالا، ما سرتم مسيرا، ولا قطعتم واديا إلا كانوا معكم، قالوا: وهم بالمدينة؟ قال: وهم بالمدينة، حبسهم العذر}.
وقد قال تعالى: لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم .. الآية.
فهذا ومثله يبين أن المعذور يكتب له مثل ثواب الصحيح إذا كانت نيته أن يفعل، وقد عمل ما يقدر عليه.
 اهـ.

واعلمي أن عبارة: (فهل يتقبل الله مثل هذه الطاعات الناقصة)، لم تتضح لنا، فربما يكون حصل فيها حذف، فيمكن أن توضحي لنا المراد في رسالة لاحقة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات