هل أسرى لوط بامرأته مع سائر أهله

0 315

السؤال

ما الجمع بين القراءتين الصحيحتين في سورة هود: (ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك)، حيث وردت كلمة: (امرأتك) بالرفع وبالنصب؛ مما يوهم أن هناك تعارضا بينهما، فعلى الرواية الأولى لم تخرج امرأة نبي الله لوط -عليه السلام- معه، وعلى الرواية الثانية فقد خرجت معه؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعـد:

فقد ذكر ابن كثير الخلاف في المسألة، فحمل القراءتين على القولين، فقال: ولا يلتفت منكم أحد. أي: إذا سمعت ما نزل بهم، ولا تهولنكم تلك الأصوات المزعجة، ولكن استمروا ذاهبين.

إلا امرأتك. قال الأكثرون: هو استثناء من المثبت، وهو قوله: فأسر بأهلك. تقديره: إلا امرأتك، وكذلك قرأها ابن مسعود، ونصب هؤلاء امرأتك؛ لأنه مثبت، فوجب نصبه عندهم.

وقال آخرون من القراء، والنحاة: هو استثناء من قوله: ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك. فجوزوا الرفع والنصب.

وذكر هؤلاء أنها خرجت معهم، وأنها لما سمعت الوجبة التفتت، وقالت: واقوماه، فجاءها حجر من السماء، فقتلها.

وقد ذكر أبو شامة في شرح الشاطبية توجيها حسنا، فذكر أن قوله تعالى: ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك. قرئ برفع امرأتك ونصبها، فقال جماعة من أئمة العربية: إنه مستثنى من قوله تعالى: فأسر بأهلك. ليكون مستثنى من موجب.

وهذا فيه إشكال من جهة المعنى؛ إذ يلزم من استثنائه من فأسر بأهلك، أن لا يكون أسرى بها، وإذا لم يسر بها، كيف يقال: ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك -على قراءة الرفع-، فكيف تؤمر بالالتفات، وقد أمر أن لا يسري بها؟ فهي لما التفتت كانت قد سرت معهم قطعا، فيجوز أن يكون هو لم يسر بها، ولكنها تبعتهم والتفتت، فأصابها ما أصاب قومها.

والذي يظهر لي أن الاستثناء على القراءتين منقطع، لم يقصد به إخراجها من المأمور بالإسراء بهم، ولا من المنهيين عن الالتفات، ولكن استؤنف الإخبار عنها بمعنى: لكن امرأتك يجري لها كيت وكيت.

والدليل على صحة هذا المعنى: أن مثل هذه الآية جاءت في سورة الحجر، وليس فيها استثناء أصلا، فقال تعالى: فأسر بأهلك بقطع من الليل واتبع أدبارهم ولا يلتفت منكم أحد وامضوا حيث تؤمرون. فلم تقع العناية إلا بذكر من أنجاهم الله تعالى، فجاء شرح حال امرأته في سورة هود تبعا لا مقصودا بالإخراج مما تقدم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة