ثمرات العبادة وآثارها على الفرد والأمة

0 437

السؤال

ما أثر العبادة على الفرد والمجتمع؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالإجابة على سؤالك تتطلب تفصيلا لا يتسع المقام له؛ فالأمر يستحق بحثا طويلا إن لم نقل إنه يستحق أن يفرد له كتاب مستقل. فلذا نكتفي بنبذة مختصرة عن هذا الموضوع الواسع فنقول وبالله التوفيق:

إن العبادة هي الحكمة التي خلق الله تعالى من أجلها الإنسان، كما قال تعالى: وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون {56:الذاريات}. قال الإمام ابن كثير في تفسيره لهذه الآية: ومعنى الآية أنه تبارك وتعالى خلق العباد ليعبدوه وحده لا شريك له؛ فمن أطاعه جازاه أتم الجزاء، ومن عصاه عذبه أشد العذاب. وأخبر أنه غير محتاج إليهم، بل هم الفقراء إليه في جميع أحوالهم. فهو خالقهم ورازقهم. انتهى.

فالعبادة شاملة لكل ما دل دليل شرعي على أنه يتعبد به لله، ويدخل في هذا كل طاعة لله تعالى تقرب إليه، ومن أمثلة هذه الطاعات وأثرها على الفرد المسلم ما يلي:

أولا: توحيد الله تعالى: فهو أهم عبادة يفعلها المسلم، وشرط لقبول كل الأعمال، إضافة إلى أن عدمها هي الذنب الوحيد الذي لا يغفره الله؛ فقد قال تعالى: إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء {48:النساء}. وللمزيد من فوائد التوحيد راجع الفتوى رقم 31970.

ثانيا: الصلاة: فإن المحافظة عليها بإتقان سبب للبعد عن المعاصي والمنكرات؛ فقد قال تعالى: وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر {45:العنكبوت}. وراجع المزيد من فوائدها في الفتوى رقم 54872.

ثالثا: الزكاة: فهي الركن الثالث من أركان الإسلام وإخراجها سبب لتزكية مخرجها وتطهيره؛ كما قال تعالى: خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها {103: التوبة}. وراجع المزيد في الفتوى رقم 37309 والفتوى رقم 51647.

رابعا: الصيام: فهو الركن الرابع من أركان الإسلام، وهو سبب للاتصاف بالتقوى؛ كما قال تعالى: يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون {183:البقرة}. إضافة إلى كونه سببا لمغفرة الذنوب إذا كان خالصا لوجه الله تعالى؛ فقد قال صلى الله عليه وسلم: من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه. متفق عليه. وراجع الفتوى رقم 28791.

خامسا: الحج: الذي هو الركن الخامس من أركان الإسلام، وأداؤه سالما من الرفث والفسوق سبب لمغفرة ما تقدم من الذنوب قبله؛ فقد قال صلى الله عليه وسلم: من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه. متفق عليه. وهذا لفظ البخاري. وللفائدة راجع الفتوى رقم 56329 والفتوى رقم 31892.

سادسا: ذكر الله تعالى: فإنه سبب لطمأنينة القلب وراحة النفس؛ حيث قال تعالى: ألا بذكر الله تطمئن القلوب  {28:الرعد}.

سابعا: تلاوة القرآن: فإنها سبب للخشوع بالنسبة للمؤمنين المتصفين بالخشية من الله تعالى؛ فقد قال تعالى: الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله {23:الزمر}.

ثامنا: الدعاء: فإنه عبادة عظيمة وسبب لدفع الهم والغم ورفع البلاء، وغير ذلك من فوائده الكثيرة، والتي تقدم بعضها في الفتوى رقم 68955، والفتوى رقم 69140.

والمجتمع ليس إلا مجموعة من الأفراد؛ فكل ما كان الفرد أكثر استقامة على عبادة الله تعالى وتأثرا بها انعكس ذلك إيجابا على المجتمع، فالعبادة هي سبب نظام الكون وصلاحه وسبيل سعادة البشرية جمعاء. ومن أمثلة أثر العبادة على المجتمع نقتصر على ما يلي:

أولا: أنها ضمانة أكيدة من العقوبات الإلهية حيث إنها تكبح جماح البشرية عن الوقوع في المعاصي التي تجلب هذه العقوبات. قال جل جلاله: واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خآصة {25:الأنفال}، وقال أيضا: ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون {41:الروم}.

ثانيا: الحفظ من كيد الأعداء ومكرهم؛ قال تعالى: وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا {120:آل عمران}.

ثالثا: الرخاء الاقتصادي واستنزال رحمات الله وبركاته على البلاد والعباد؛ فقد قال تعالى: ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض {96:الأعراف}.

وراجع لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 33697.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة