اليقين بالخلود بعد الموت

0 381

السؤال

هناك شيء يؤرقني وهو التفكير في فكرة الخلود بعد الموت (بغض النظر في الجنة أو في النار والعياذ بالله)، كلما فكرت في هذا الموضوع سواء قبل النوم أو في فترة تفكير عميق أحس بالاختناق والضيق وأفقد توازني، فكرة عدم وجود نهاية للحياة بعد الموت تشكل كابوسا لا أستطيع التخلص منه، وفكرة لا أستطيع فهمها بالمرة، لم أجد شخصا يتفهم وجهة نظري ولا من يساعدني في التغلب على المشكلة، أخشى أن يكون في الأمر نوع من الاعتراض على قضاء الله، الرجاء إفادتي بما يساعدني على فهم الأمر والتعامل معه وتقبله، كما أرجو تنبيهي إذا كان في الأمر تشكيك في قدر الله، كما أضيف أني قرأت لعلماء يقولون بفناء كل شيء في الأخير؟ وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فيجب على المسلم الإيمان بما أخبر الله به من الغيب وبما وعد به، ولتعلم أخي أن أمور الغيب يجب الإيمان بما صح لنا منها سواء أدركناه بالعقل أم لم ندركه، واعلم أن ما كتب للإنسان سيناله لا محالة بقدرة الله التي لا يعجزها شيء، ولا شك أن الله قادر على فعل ما شاء وتحقيق وعده متى شاء، فهو الفعال لما يريد والعزيز الذي لا يعجزه شيء في السماوات ولا في الأرض، وإنما يقول للشيء كن فيكون، كما قال الله تعالى: إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون {يس:82}، وقال الله تعالى: يا أيها الناس إن وعد الله حق {فاطر:5}، وقد دلت على خلود الناس في الآخرة في الجنة أو النار نصوص الكتاب والسنة، ومن ذلك قوله تعالى في شأن أهل النار: ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم خالدين فيها أبدا {الجن:23}، وقوله تعالى: ذلك جزاء أعداء الله النار لهم فيها دار الخلد جزاء بما كانوا بآياتنا يجحدون  {فصلت:28}، وقال الله تعالى في شأن الجنة وأهلها: إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية* جزاؤهم عند ربهم جنات عدن تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك لمن خشي ربه {البينة:7-8}، وقال تعالى: لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى ووقاهم عذاب الجحيم {الدخان:56}، وقال تعالى: إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلا* خالدين فيها لا يبغون عنها حولا {الكهف:107-108}.

وفي حديث أبي هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: يقال لأهل الجنة يا أهل الجنة خلود لا موت، ولأهل النار يا أهل النار خلود لا موت. رواه البخاري ومسلم.

ومن ذلك ما روى مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ينادي مناد إن لكم أن تصحوا فلا تسقموا أبدا، وإن لكم أن تحيوا فلا تموتوا أبدا، وإن لكم أن تشبوا فلا تهرموا أبدا، وإن لكم أن تنعموا فلا تبأسوا أبدا.

فعليك أن تؤمن بما ثبت في الوحيين وتصرف فكرك وطاقتك لكسب السعادة الأبدية في الآخرة والسلامة من العذاب الأبدي فيها، ولا يتم ذلك إلا بالالتزام بالطاعات والبعد عن المعاصي، فإن العاقل من شمر عن ساعد الجد وبادر إلى طاعة ربه، وأيقن أن اليوم عمل ولا حساب، وغدا حساب ولا عمل، وأن العبد يجازى على الصغيرة والكبيرة، قال الله تعالى: ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون يا ويلتنا مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك أحدا {الكهف:49}، فلا يشغلك الشيطان بهذه الأفكار عن نجاتك بنفسك من سخط الله وعذابه، وعن ظفرك بالفوز برضاه وجنته، فقد قال الله تعالى: فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور {آل عمران:185}.

والله أعلم.

 

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات