صفحة جزء
[ ص: 233 ] 252

ثم دخلت سنة اثنتين وخمسين ومائتين

ذكر خلع المستعين

في هذه السنة خلع المستعين أحمد بن محمد بن المعتصم نفسه من الخلافة ، وبايع للمعتز بالله بن المتوكل ، وخطب للمعتز ببغداذ يوم الجمعة لأربع خلون من المحرم ، وأخذ له البيعة على كل من بها من الجند .

وكان ابن طاهر قد دخل على المستعين ومعه سعيد بن حميد ، وقد كتب شروط الأمان ، فقال له : يا أمير المؤمنين ! قد كتب سعيد كتاب الشروط ، فأكده غاية التوكيد ، أفنقرأه عليك لتسمعه ، فقال المستعين : لا حاجة لي إلى توكيدها ، فما القوم بأعلم بالله منك ، ولقد أكدت على نفسك قبلهم ، فكان ما علمت ، فما رد عليه محمد شيئا .

فلما بايع المستعين للمعتز ، وأشهد عليه بذلك ، نقل من الرصافة إلى قصر الحسن بن سهل بالمحرم ومعه عياله وأهله جميعا ، ووكل بهم ، وأخذ منه البردة ، والقضيب ، والخاتم ، ووجه مع عبد الله بن طاهر ، ومنع المستعين من الخروج إلى مكة ، فاختار المقام بالبصرة ، فقيل له ، إن البصرة وبية ، فقال : هي أوبأ أو ترك الخلافة !

ولست خلون من المحرم دخل بغداد أكثر من مائتي سفينة فيها صنوف التجارات وغنم كثير .

[ ص: 234 ] وفيها سير المستعين إلى واسط ، واستوزر المعتز أحمد بن أبي إسرائيل ، وخلع عليه ، ورجع أبو أحمد إلى سامرا لاثنتي عشرة خلت من المحرم ، فقال بعض الشعراء في خلع المستعين :


خلع الخليفة أحمد بن محمد وسيقتل التالي له أو يخلع     ويزول ملك بني أبيه ولا يرى
أحد تملك منهم يستمتع     إيها بني العباس إن سبيلكم
في قتل أعبدكم سبيل مهيع     رقعتم دنياكم فتمزقت
بكم الحياة تمزقا لا يرقع

وقال الشعراء في خلعه كالبحتري ، ومحمد بن مروان بن أبي الجنوب وغيرهما فأكثروا .

وفيها لسبع بقين من المحرم انصرف أبو الساج ديوداد بن ديودست إلى بغداد ، فقلده محمد بن عبد الله معاون ما سقى الفرات من السواد ، فسير نوابه إليها لطرد الأتراك والمغاربة عنها ، ثم سار أبو الساج إلى الكوفة .

التالي السابق


الخدمات العلمية