الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر عدة حوادث

في هذه السنة رجع سليمان بن محمد ، صرفه عبد الله بن طاهر ، إلى طبرستان من جرجان بجمع كثير ، وخيل وسلاح ، فتنحى الحسن بن زيد عن طبرستان ، ولحق بالديلم ، ودخلها سليمان ، وقصد سارية ، وأتاه ابنان لقارن بن شهريار ، وأتاه أهل آمل وغيرهم ، منيبين مظهرين الندم ، يسألون الصفح ، فلقيهم بما أرادوا ، ونهى أصحابه عن القتل والنهب والأذى .

وورد كتاب أسد بن جندان إلى محمد بن عبد الله يخبره أنه لقي علي بن عبد الله [ ص: 229 ] الطالبي المسمى بالمرعشي ، فيمن معه من رؤساء الجبل ، فهزمه ودخل مدينة آمل .

وفيها ظهر بأرمينية رجلان ، فقاتلهما العلاء بن أحمد عامل بغا الشرابي ، فهزمهما ، فصعدا قلعة هناك ، فحصرهما ، ونصب عليها المجانيق ، فهزما منها ، وخفي أمرهما عليه وملك القلعة .

وفيها حارب عيسى بن الشيخ الموفق الخارجي فهزمه وأسر الموفق .

وفيها ورد كتاب محمد بن طاهر بن عبد الله يخبر الطالبي الذي ظهر بالري ، وما أعد له من العساكر المسيرة له ، وظفر به ، واسمه محمد بن جعفر ، فأخذه أسيرا ، ثم سار إلى الري بعد أسر محمد بن جعفر بن أحمد بن عيسى بن الحسين الصغير ابن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، عليه السلام ، وإدريس بن موسى بن عبد الله بن موسى بن عبد الله بن الحسن بن علي بن أبي طالب ، عليه السلام .

وفيها انهزم الحسن بن زيد من محمد بن طاهر ، وكان لقيه في ثلاثين ألفا ، وقتل من أصحابه أعيان الحسن ثلاثمائة رجل وأربعين رجلا .

وفيها خرج إسماعيل بن يوسف العلوي ابن أخت موسى بن عبد الله الحسني .

وفيها كانت وقعة بين محمد بن خالد بن يزيد ، وأحمد المولد ، وأيوب بن أحمد [ ص: 230 ] بالسكير من أرض بني تغلب ، فقتل بينهما جماعة كثيرة ، فانهزم محمد ونهب متاعه .

وفيها غزا بلكاجور الروم ، ففتح مطمورة ، وغنم غنيمة كثيرة ، وأسر جماعة من الروم .

وفيها ظهر بالكوفة رجل من الطالبيين اسمه الحسين بن محمد بن حمزة بن عبد الله بن الحسين بن [ علي بن حسين بن ] علي بن أبي طالب ، عليه السلام ، واستخلف بها محمد بن جعفر بن حسن بن جعفر بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب ، عليه السلام ، يكنى أبا أحمد ، فوجه إليه المستعين مزاحم بن خاقان ، وكان العلوي بسواد الكوفة في جماعة من بني أسد ومن الزيدية ، وأجلى عنها عامل الخليفة وهو أحمد بن نضير بن حمزة بن مالك الخزاعي إلى قصر ابن هبيرة ، واجتمع مزاحم وهشام بن أبي دلف العجلي ، فسار مزاحم إلى الكوفة ، فحمل أهل الكوفة العلوية على قتالهما ، ووعدهم النصرة ، فتقدم مزاحم وقاتلهم ، وكان قد سير قائدا معه جماعة ، فأتى أهل الكوفة من ورائهم ، فأطبقوا عليهم ، فلم يفلت منهم واحد ، ودخل الكوفة ، فرماه أهلها بالحجارة ، فأحرقها بالنار ، فاحترق منها سبعة أسواق حتى خرجت النار إلى السبيع ، ثم هجم على الدار التي فيها العلوي ، فهرب ، وأقام مزاحم بالكوفة ، فأتاه كتاب المعتز يدعوه إليه ، فسار إليه .

وفيها ظهر إنسان علوي بناحية نينوى من أرض العراق ، فلقيه هشام بن أبي دلف [ ص: 231 ] في شهر رمضان ، فقتل من أصحاب العلوي جماعة وهرب فدخل الكوفة .

وفيها ظهر الحسين بن أحمد بن إسماعيل بن محمد بن إسماعيل الأرقط بن محمد بن علي بن الحسين بن علي المعروف بالكركي ، بناحية قزوين ، وزنجان ، فطرد عمال طاهر عنها .

وفيها قطعت بنو عقيل طريق جدة ، فحاربهم جعفر ( بشاشات ) فقتل من أهل مكة نحو ثلاثمائة رجل ، فغلت الأسعار بمكة ، وأغارت الأعراب على القرى .

وفيها ظهر إسماعيل بن يوسف بن إبراهيم بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب بمكة ، فهرب جعفر ( بشاشات ) ، وانتهب إسماعيل منزله ومنازل أصحاب السلطان ، وقتل الجند وجماعة من أهل مكة ، وأخذ ما كان حمل لإصلاح القبر من المال وما في الكعبة وخزائنها من الذهب والفضة وغير ذلك ، وأخذ كسوة الكعبة ، وأخذ من الناس نحوا من مائتي ألف دينار ، وخرج منها بعد أن نهبها ، وأحرق بعضها في ربيع الأول بعد خمسين يوما وسار إلى المدينة ، فتوارى عاملها ، ثم رجع إسماعيل إلى مكة في رجب فحصرهم حتى تماوت أهلها جوعا وعطشا ، وبلغ الخبز ثلاث أواق [ ص: 132 ] بدرهم ، واللحم رطل بأربعة دراهم ، وشربة ماء بثلاثة دراهم ، ولقي أهل مكة منه كل بلاء .

ثم سار ( إلى جدة بعد مقام سبعة وخمسين يوما ، فحبس عن الناس الطعام ) ، وأخذ الأموال التي للتجار وأصحاب المراكب .

ثم وافى إسماعيل عرفة وبها محمد بن أحمد بن عيسى بن المنصور الملقب بكعب البقر ، وعيسى بن محمد المخزومي صاحب جيش مكة ، كان المعتز وجههما إليها ، فقاتلهما إسماعيل ، وقتل من الحاج نحو ألف ومائة ، وسلب الناس ، وهربوا إلى مكة ، لم يقفوا بعرفة ليلا ولا نهارا ، ووقف إسماعيل وأصحابه ، ثم رجع إلى جدة فأفنى أموالها .

[ الوفيات ]

وفيها مات سري السقطي الزاهد [ الوفيات ]

و إسحاق بن منصور بن بهرام أبو يعقوب الكوسج ، الحافظ النيسابوري ، توفي في جمادى الأولى ، وله مسند يروى عنه .

التالي السابق


الخدمات العلمية