صفحة جزء
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم في تفسيريهما ، عن أنس بن مالك رضي الله عنه ، أنه لبث سبع سنين . وأخرج ابن جرير مثله عن قتادة ، ووهب بن منبه ، وابن جريج . وأخرج من طريق ابن جريج ، عن ابن عباس في قوله : ( بضع سنين ) ، قال : دون العشرة . وأخرج عن مجاهد في قوله : ( بضع سنين ) قال : ما بين الثلاثة إلى التسع . وأما السؤال الرابع والأربعون : ففي " كشف الأسرار " أنه لبث أربعين يوما . وأخرج الحاكم في مستدركه عن ابن عباس قال : مكث يونس في بطن الحوت أربعين يوما . وأخرج أيضا عن الشعبي قال : التقمه الحوت ضحى ولفظه عشية . وأما السؤال الخامس والأربعون : فالجواب أن المشهور في المذاهب الأربعة : تحريم آلات اللهو ، وأجازها طائفة ، منهم أهل الظاهر ، والمختار في هذه المسألة ما ذهب إليه محققون ، منهم الشيخ عز الدين بن عبد السلام - إباحة ذلك للصوفية خاصة وتحريمه على غيرهم ، وبسط ذلك في حواشي " الروضة " .

وأما السؤال السادس والسابع والثامن والأربعون : فالجواب أن الثلاثة أحياء .

أخرج ابن أبي حاتم في تفسيره عن مجاهد في قوله تعالى : ( ورفعناه مكانا عليا ) قال : رفع إدريس كما رفع عيسى ولم يمت . وأخرج ابن المنذر في تفسيره ، من طريق الليث بن سعد ، عن عمر مولى غفرة يرفع الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، أن إدريس كان صديقا لملك الموت ، فقال له إدريس : أحب أن تذيقني الموت وتفرق بين روحي وجسدي حتى أجد طعم الموت ثم ترد روحي ، فقال له ملك الموت : لا أقدر على ذلك إلا أن أستأذن فيه ربي ، فقال له إدريس : فاستأذنه في ذلك ، فعرج ملك الموت إلى ربه ، فأذن له ، فقبض نفسه وفرق بين روحه وجسده ، فلما سقط إدريس ميتا رد الله إليه روحه . . . الحديث بطوله .

[ ص: 382 ] وأخرج ابن أبي حاتم ، من طريق داود بن أبي هند ، عن بعض أصحابه قال : كان ملك الموت صديقا لإدريس ، فقال له يوما : يا ملك الموت ، أمتني فاستأذن ربه ، فقال له : أمته ، فلما مات رد الله إليه روحه ، فمكث ما شاء الله حيا ، ثم قال : يا ملك الموت ، أدخلني الجنة ، فاستأذن ربه ، فقال : أدخله الجنة ، فاحتمله ملك الموت ، فأدخله الجنة ، فكان فيها ما شاء الله ، فقال له ملك الموت : اخرج بنا ، قال : لا ، قال الله تعالى : (أفما نحن بميتين إلا موتتنا الأولى ) وقال : ( وما هم منها بمخرجين ) وما أنا بخارج منها ، قال ملك الموت : يا رب ، قد تسمع ما يقول عبدك إدريس ، قال الله له : صدق ، فاخرج منها ودعه فيها ، وذلك قول الله تعالى : ( ورفعناه مكانا عليا ) قال بعض العلماء : أربعة أنبياء أحياء ، اثنان في السماء : إدريس وعيسى ، واثنان في الأرض : إلياس والخضر . وفي حديث رواه نعيم بن حماد في كتاب الفتن ، أن إلياس يكون مع الدجال ينذر الناس ، فإذا قال الدجال : أنا رب العالمين ، قال له إلياس : كذبت . وفي حديث رواه ابن عدي في " الكامل " أن إلياس والخضر يلتقيان في كل عام بالموسم ، فيحلق كل واحد منهما رأس صاحبه ويتفرقان عن هؤلاء الكلمات : بسم الله ما شاء الله ، لا يسوق الخير إلا الله ، ما شاء الله ، لا يصرف السوء إلا الله ، ما شاء الله ، ما كان من نعمة فمن الله ، ما شاء الله ، لا حول ولا قوة إلا بالله . كذا أخرجه من حديث ابن عباس مرفوعا . وأخرج ابن عساكر في " تاريخ دمشق " ، عن ابن أبي رواد قال : إلياس والخضر يصومان شهر رمضان في بيت المقدس ، ويحجان في كل سنة ، ويشربان من زمزم شربة تكفيهما إلى مثلها من قابل .

وأما السؤال التاسع والأربعون : فجوابه أن فيه ثلاثة أقوال ; أحدهما : أنه نبي . والثاني : أنه رسول . والثالث : أنه ولي وعليه الجمهور .

وأما السؤال الخمسون : فالجواب أنهما في الجنة ، وقد ألفت في ذلك كتابا سميته " التعظيم والمنة " قررت فيه الأدلة على ذلك ، وأقربها طرق : أحدها أنهما كانا على ملة إبراهيم الحنيفية ، كورقة بن نوفل ، وزيد بن عمرو بن نفيل ، وغيرهما ممن تحنف في الجاهلية . والثاني أنهما كانا في الفترة ، والفترة لا تكليف فيها . والثالث أنهما أحييا له صلى الله عليه وسلم وآمنا به .

وأما السؤال الحادي والخمسون : فجوابه أنه من قال من العوام أو من الفقهاء بحضرة العوام في حق أبوي النبي صلى الله عليه وسلم أنهما في النار ، أو أنهما كانا كافرين -أنه يلزمه التعزير البليغ أو [ ص: 383 ] أكثر من ذلك . وقد سئل القاضي أبو بكر بن العربي أحد أئمة المالكية عن رجل قال في حق والد النبي صلى الله عليه وسلم : إنه كافر ، فأجاب بأن قائل ذلك ملعون ; لأن هذا القول يؤذي النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد قال الله تعالى : ( إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة ) .

وأما السؤال الثاني والخمسون : فجوابه أن شرط وجوب الوضوء : التكليف ، والحدث ، ودخول وقت الصلاة ، وقولنا : التكليف - يجمع ثلاث صفات : البلوغ ، والعقل ، والإسلام .

وأما السؤال الثالث والخمسون : فجوابه أنها بضعة عشر شرطا : الماء الطهور ، والعلم أو الظن بطهوريته ، والإسلام ، والتمييز ، وعدم المنافي ، وفقد المانع ، وطهارة العضو من نجاسته ، والعلم بكيفيته ، وتمييز فرائضه من سننه ، وترتيبه- على ما جنحت إليه في حواشي " الروضة " ، ولم أسبق إليه -والأصحاب عدوا الترتيب ركنا لا شرطا ، وتزيد المرأة بشرط ، وهو النقاء عن الحيض والنفاس ، ويزيد صاحب الضرورة بستة شروط : دخول الوقت ، وتقديم إزالة النجاسة ، والاستنجاء ، وحشو المنفذ ، وإيلاؤه الوضوء ، والموالاة فيه .

وأما السؤال الرابع والخمسون : فجوابه أن الإمام تجب عليه الإعادة ولا تجب على المأمومين . هذا هو الأصح فيهما .

وأما السؤال الخامس والخمسون في إطالة الخطبة : فجوابه أنه يكره له ذلك .

وأما السؤال السادس والخمسون : فجوابه أن تلاوة القرآن الكثير أفضل من صلاة نفل قليلة ، وصلاة النفل الكثيرة أفضل من تلاوة قليلة ، فإن استوى الزمان المصروف إليهما كنصف يوم مثلا أراد الإنسان أن يصرفه في أحد النوعين ، فمقتضى كلام الفقهاء حيث قالوا : أفضل عبادات البدن الصلاة ، وقوله صلى الله عليه وسلم : " [ واعلموا] أن خير أعمالكم الصلاة أن تكون صلاة النفل أفضل من تلاوة القرآن .

وأما السؤال السابع والخمسون : ففي " كشف الأسرار " : إنما عبر بالقيراط لأنه أول المقادير التي يوزن بها ، وإنما قال : أصغرهما مثل أحد ; لأنه أكبر جبل عندهم ، وقيل : هو أكبر جبل في الدنيا ; لأنه يبلغ إلى الأرض السفلى ، وأبهم القيراط الآخر ; لأن عطاء الله واسع فلا يحد . وقيل : ليس القيراط منسوبا إلى أربعة وعشرين قيراطا ، بل إلى الأعمال التي تتعلق بالميت من تغميضه ، وتقبيله إلى القبلة ، وشد لحييه بعصابة ، ونزع ثيابه التي مات فيها ، ووضعه على سريره ، وتغسيله ، وتكفينه ، وحمله ، والمشي معه ، والصلاة عليه ، وحضور [ ص: 384 ] دفنه ، وحفر القبر ، ووضعه فيه ، وسده عليه ، وإهالة التراب . فهذه خمسة عشر ، فمن أتى بالصلاة فله قيراط من خمسة عشر قيراطا ، والخمسة عشر هي جملة الأجر ، ومن حضر الدفن فله قيراط آخر ، وهذه القراريط بعضها أفضل من بعض .

وأما السؤال الثامن والخمسون : فجوابه أن الحكمة في ذلك اتباع الحديث ، وقد أشار فيه إلى أنه موجب للمغفرة ، وهو ما رواه أبو داود ، والترمذي وحسنه ، والحاكم وصححه ، والبيهقي ، عن مالك بن هبيرة ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ما من مسلم يموت فيصلي عليه ثلاثة صفوف من المسلمين إلا أوجب " . ولفظ الحاكم والبيهقي : " إلا غفر له " . قال النووي : وهو معنى أوجب .

وأما السؤال التاسع والخمسون ، والستون : فجوابه أن البرهان الفزاري أفتى بوجوب صلاة العشاء والحالة هذه . وأفتى معاصروه بأنها لا تجب عليهم ; لعدم سبب الوجوب في حقهم وهو الوقت . ويؤيد الأول الحديث الوارد في أيام الدجال ، حيث قال فيه : اقدروا له قدره ، قال الزركشي في " الخادم " : وعلى هذا يحكم لهم في رمضان بأنهم يأكلون بالليل إلى وقت طلوع الفجر في أقرب البلاد إليهم ، ثم يمسكون ويفطرون بالنهار ، كذلك قبل غروب الشمس إذا غربت عند غيرهم كما يأكل المسلمون ويصومون في أيام الدجال .

وأما السؤال الحادي والستون : فجوابه أن الصلاة صحيحة بلا خلاف عندنا إذا استقبل القبلة وأتم الأركان .

وأما السؤال الثاني والستون : فجوابه أنه لا يفسد الصوم ، قال في شرح المهذب ، قال المتولي وغيره : إذا تمضمض الصائم لزمه مج الماء ، ولا يلزمه تنشيف فمه بخرقة ونحوها بلا خلاف ، قال المتولي : لأن في ذلك مشقة ، قال : ولأنه لا يبقى في الفم بعد ذلك المج إلا رطوبة لا تنفصل عن الموضع ، إذ لو انفصلت لخرجت في المج .

وأما السؤال الثالث والستون : فجوابه أنه يبرأ عن عيب باطن بالحيوان لم يعلمه البائع ، ولا يبرأ من عيب ظاهر ولا باطن بغير الحيوان ولا به إذا علمه .

وأما السؤال الرابع ، والخامس والستون : فالجواب أنه لا يحل ، ويمنعه الرد .

وأما السؤال السادس والستون : ففي " الروضة " : لو اشترى أمة وأراد تزويجها قبل الاستبراء ، فإن كان البائع وطئها لم يجز إلا أن يزوجها به ، وإن لم يكن وطئها واستبرأها قبل البيع ، أو كان الانتقال من امرأة أو صبي جاز تزويجها في الحال على الأصح ، انتهى .

ومقتضى القواعد أنها إذا طلقت والحالة هذه لا يطؤها السيد حتى يستبرئها ; لئلا يظهر بها حمل [ ص: 385 ] فيتعذر عليه نفيه ؛ لأنه لا سبيل إلى نفيه إلا بأن يدعي الاستبراء وذلك لا يمكن إلا بعد الوطء .

وأما السؤال السابع والثامن والستون : فالجواب أنه يصح السلم في الفلوس راجت أم لم ترج ، وكذا بيعها إلى أجل لأن حكمها حكم العروض وإن راجت رواج النقود .

وأما السؤال التاسع والستون : فجوابه أنه يرجع فيه إلى العرف ، فإن كان في بلد الغالب فيها إطلاق الدراهم على الفلوس حمل عليها ، وإن كان في بلد لا تطلق فيه الدراهم إلا على الفضة حمل عليها ، فإن استوى الإطلاقان في بلد ولم يبين حمل على الفلوس ؛ لأنه الأقل وقاعدة الإقرار الحمل على القدر المتيقن ؛ لأن الأصل براءة الذمة فيما عداه .

وأما السؤال السبعون : فجوابه أنه يزوجها مالك البعض ومعه وليها القريب ، فإن لم يكن فمعتق البعض وإلا فالسلطان ، هذا هو الأصح من خمسة أوجه . والثاني : أن يكون معه معتق البعض . والثالث : معه السلطان . والرابع : يستقل مالك البعض . والخامس : لا يجوز تزويجها أصلا لضعف الملك والولاية بالتبعيض .

وأما السؤال الحادي والسبعون : فجوابه أنهما إن كانا معينين عند القاضي الذي عقد والشهود صح النكاح من غير ذكر اسم الأب والجد ، وإلا بأن قال لوكيل الغائب : زوجت موكلك فاطمة ، ولم يذكر بنت فلان لم يصح النكاح . وفي الروضة لو كان اسم ابنته الواحدة فاطمة فقال : زوجتك فاطمة ولم يقل : بنتي ، فلا يصح النكاح لكثرة الفواطم لكن لو نواها صح ، كذا قطع به العراقيون ، والبغوي ، واعترض ابن الصباغ بأن الشهادة شرط والشهود لا يطلعون على النية ، وهذا أقوى ؛ ولهذا الأصل منعنا النكاح بالكنايات انتهى .

وأما السؤال الثاني والسبعون : فجوابه أن القول قولها بيمينها وعلى الزوج البينة .

وأما السؤال الثالث ، والرابع ، والخامس والسبعون : فالجواب في الثلاثة الجواز مع الكراهة نص عليه في الروضة في مسألة وطء إحدى الزوجتين بحضرة الأخرى .

وأما السؤال السادس والسبعون : فجوابه أن هذا التعليق باطل عندنا إذا كانت أجنبية أو مطلقة في عدة بينونة فمتى تزوجها صح النكاح ولم تطلق . فإن كان في عدة رجعية وراجعها في تلك العدة طلقت .

وأما السؤال السابع والسبعون : فهذه المسألة السريجية والحكم فيها وقوع الطلاق المنجز فقط ، هو الأصح عند الشيخين .

التالي السابق


الخدمات العلمية