صفحة جزء
( 2980 ) فصل : إذا قال : بعتك هذه الأرض ، أو هذا الثوب على أنه عشرة أذرع . فبان أحد عشر ، ففيه روايتان ; إحداهما ، البيع باطل ; لأنه لا يمكن إجبار البائع على تسليم الزيادة ، وإنما باع عشرة ، ولا المشتري على أخذ البعض ، وإنما اشترى الكل ، وعليه ضرر في الشركة أيضا . والثانية ، البيع صحيح والزيادة للبائع لأن ذلك [ ص: 102 ] نقص على المشتري ، فلا يمنع صحة البيع ، كالعيب ، ثم يخير البائع بين تسليم المبيع زائدا وبين تسليم العشرة ، فإن رضي بتسليم الجميع ، فلا خيار للمشتري ; لأنه زاده خيرا ، وإن أبى تسليمه زائدا ، فللمشتري الخيار بين الفسخ والأخذ بجميع الثمن المسمى وقسط الزائد ، فإن رضي بالأخذ أخذ العشرة ، والبائع شريك له بالذراع .

وهل للبائع خيار الفسخ ؟ على وجهين ; أحدهما ، له الفسخ ; لأن عليه ضررا في المشاركة . والثاني ، لا خيار له ; لأنه رضي ببيع الجميع بهذا الثمن . فإذا وصل إليه الثمن مع بقاء جزء له فيه كان زيادة ، فلا يستحق بها الفسخ ، ولأن هذا الضرر حصل بتغريره وإخباره ، بخلاف غيره ، فلا ينبغي أن يتسلط به على فسخ عقد المشتري . فإن بذلها البائع للمشتري بثمن ، أو طلبها المشتري بثمن ، لم يلزم الآخر القبول ; لأنها معاوضة يعتبر فيها التراضي منهما ، فلا يجبر واحد منهما عليه وإن تراضيا على ذلك ، جاز ، فإن بان تسعة ، ففيه روايتان ; إحداهما ، يبطل البيع ; لما تقدم . والثانية ، البيع صحيح ، والمشتري بالخيار بين الفسخ والإمساك بتسعة أعشار الثمن .

وقال أصحاب الشافعي : ليس له إمساكه إلا بكل الثمن ، أو الفسخ . بناء على قولهم : إن المعيب ليس لمشتريه إلا الفسخ أو إمساكه بكل الثمن . ولنا أنه وجد المبيع ناقصا في القدر ، فكان له إمساكه بقسطه من الثمن ، كالصبرة إذا اشتراها على أنها مائة فبانت خمسين ، وسنبين أن المعيب له إمساكه ، وأخذ أرشه ، فإن أخذها بقسطها من الثمن ، فللبائع الخيار بين الرضا بذلك وبين الفسخ ; لأنه إنما رضي ببيعها بهذا الثمن كله ، وإذا لم يصل إليه كان له الفسخ .

فإن بذل له المشتري جميع الثمن لم يملك الفسخ ; لأنه وصل إليه الثمن الذي رضيه ، فأشبه ما لو اشترى معيبا فرضيه بجميع الثمن . ( 2981 ) فصل : وإن اشترى صبرة على أنها عشرة أقفزة ، فبانت أحد عشر ، رد الزائد ، ولا خيار له هاهنا ; لأنه لا ضرر في الزيادة ، وإن بانت تسعة أخذها بقسطها من الثمن ، وقد ذكرنا فيما تقدم أنه متى سمى الكيل في الصبرة لا يكون قبضها إلا بالكيل ، فإذا كالها فوجدها قدر حقه ، أخذها ، وإن كانت زائدة رد الزيادة وإن كانت ناقصة ، أخذها بقسطها من الثمن ، وهل له الفسخ إذا وجدها ناقصة ؟ على وجهين ; أحدهما ، له الخيار . وهو مذهب الشافعي ; لأنه وجد المبيع ناقصا ، فكان له الفسخ ، كغير الصبرة ، وكنقصان الصفة . الثاني ، لا خيار له ; لأن نقصان القدر ليس بعيب في الباقي من الكيل ، بخلاف غيره .

التالي السابق


الخدمات العلمية