الإبار عند أهل العلم : التلقيح . قال ابن عبد البر : إلا أنه لا يكون حتى يتشقق الطلع ، وتظهر الثمرة ، فعبر به عن ظهور الثمرة ; للزومه منه . والحكم متعلق بالظهور ، دون نفس التلقيح ، بغير اختلاف بين العلماء ، يقال : أبرت النخلة بالتخفيف والتشديد ، فهي مؤبرة ومأبورة . ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم : { خير المال سكة مأبورة . } والسكة : النخل المصفوف . وأبرت النخلة آبرها أبرا ، وإبارا ، وأبرتها تأبيرا ، وتأبرت النخلة ، وائتبرت ، ومنه قول الشاعر :
تأبري يا خيرة الفسيل
وفسر الخرقي المؤبر بما قد تشقق طلعه ; لتعلق الحكم بذلك ، دون نفس التأبير . قال القاضي : وقد يتشقق الطلع بنفسه فيظهر ، وقد يشقه الصعاد فيظهر . وأيهما كان فهو التأبير المراد هاهنا .وفي هذه المسألة فصول ثلاثة : ( 2876 ) الفصل الأول : أن البيع متى وقع على نخل مثمر ، ولم يشترط الثمرة ، وكانت الثمرة مؤبرة ، فهي للبائع . وإن كانت غير مؤبرة ، فهي للمشتري . وبهذا قال مالك ، والليث ، والشافعي . وقال ابن أبي ليلى : هي للمشتري في الحالين ; لأنها متصلة بالأصل اتصال خلقة ، فكانت تابعة له ، كالأغصان .
وقال أبو حنيفة ، والأوزاعي : هي للبائع في الحالين ; لأن هذا نماء له حد ، فلم يتبع أصله في البيع ، كالزرع في الأرض . ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم : { من ابتاع نخلا بعد أن تؤبر ، فثمرتها للذي باعها ، إلا أن يشترط المبتاع } . متفق عليه . وهذا صريح في رد قول ابن أبي ليلى ، وحجة على أبي حنيفة والأوزاعي بمفهومه ; لأنه جعل التأبير حدا لملك البائع للثمرة ، فيكون ما قبله للمشتري ، وإلا لم يكن حدا ، ولا كان ذكر التأبير مفيدا . ولأنه نماء كامن لظهوره غاية ، فكان تابعا لأصله قبل ظهوره ، وغير تابع له بعد ظهوره ، كالحمل في الحيوان .
فأما الأغصان ، فإنها تدخل في اسم النخل ، وليس لانفصالها غاية ، والزرع ليس من نماء الأرض ، وإنما هو مودع فيها .


