صفحة جزء
( 4578 ) فصل : وإذا ادعاه اثنان ، فألحقته القافة بهما ، لحق بهما ، وكان ابنهما ، يرثهما ميراث ابن ، ويرثانه جميعا ميراث أب واحد . وهذا يروى عن عمر ، وعلي رضي الله عنهما . وهو قول أبي ثور . وقال أصحاب الرأي : يلحق بهما بمجرد الدعوى . وقال الشافعي : لا يلحق بأكثر من والد ، فإذا ألحقته بهما سقط قولهما ، ولم يحكم لهما . واحتج برواية عن عمر رضي الله عنه أن القافة قالت : قد اشتركا فيه . فقال عمر : وال أيهما شئت . ولأنه لا يتصور كونه من رجلين ، فإذا ألحقته القافة بهما ، تبينا كذبهما ، فسقط قولهما ، كما لو ألحقته بأمين ، ولأن المدعيين لو اتفقا على ذلك ، لم يثبت ، ولو ادعاه كل واحد منهما ، وأقام بينة ، سقطتا ، ولو جاز أن يلحق بهما ، لثبت باتفاقهما ، وألحق بهما عند تعارض بينتهما . ولنا ما روى سعيد ، في " سننه " : ثنا سفيان ، عن يحيى عن سعيد ، عن سليمان بن يسار ، عن عمر ، في امرأة وطئها رجلان في طهر ، فقال القائف : قد اشتركا فيه جميعا . فجعله بينهما . وبإسناده عن الشعبي قال : وعلي يقول : هو ابنهما ، وهما أبواه ، يرثهما ويرثانه . ورواه الزبير بن بكار ، بإسناده عن عمر . وقال الإمام أحمد حديث قتادة عن سعيد عن عمر ، جعله بينهما ، وقابوس عن أبيه عن علي ، جعله بينهما . وروى الأثرم ، بإسناده عن سعيد بن المسيب ، في رجلين اشتركا في طهر امرأة ، فحملت فولدت غلاما يشبههما ، فرفع ذلك إلى [ ص: 49 ] عمر بن الخطاب رضي الله عنه فدعا القافة فنظروه ، فقالوا : نراه يشبههما . فألحقه بهما ، وجعله يرثهما ويرثانه . قال سعيد : عصبته الباقي منهما . وما ذكروه عن عمر لا نعلم صحته ، وإن صح فيحتمل أنه ترك قول القافة لأمر آخر ، إما لعدم ثقتهما ، وإما لأنه ظهر له من قولهما واختلافهما ما يوجب تركه ، فلا ينحصر المانع من قبول قولهما في أنهما اشتركا فيه . قال أحمد : إذا ألحقته القافة بهما ، ورثهما وورثاه ، فإن مات أحدهما ، فهو للباقي منهما ، ونسبه من الأول قائم ، لا يزيله شيء . ومعنى قوله : " هو للباقي منهما " . والله أعلم ، أنه يرثه ميراث أب كامل ، كما أن الجدة إذا انفردت أخذت ما يأخذه الجدات ، والزوجة تأخذ وحدها ما يأخذه جميع الزوجات .

التالي السابق


الخدمات العلمية