صفحة جزء
( 4581 ) فصل : وإن ادعت امرأتان نسب ولد ، فذلك مبني على قبول دعواهما ، فإن كانتا ممن لا تقبل دعواهما ، لم تسمع دعواهما . وإن كانت إحداهما ممن تسمع دعواها دون الأخرى ، فهو ابنها ، كالمنفردة به . وإن كانتا جميعا ممن تسمع دعوتهما ، فهما في إثباته بالبينة أو كونه يرى القافة مع عدمها كالرجلين . قال أحمد ، في رواية بكر بن محمد ، في يهودية ومسلمة ولدتا ، فادعت اليهودية ولد المسلمة ، فتوقف ، فقيل : يرى القافة ؟ فقال : ما أحسنه . ولأن الشبه يوجد بينها وبين ابنها ، كوجوده بين الرجل وابنه ، بل أكثر ، لاختصاصها بحمله وتغذيته ، والكافرة والمسلمة ، والحرة والأمة ، في الدعوى واحدة ، كما قلنا في الرجل . وهذا قول أصحاب الشافعي ، على الوجه الذي يقولون فيه بقبول دعواها . وإن ألحقته القافة بأمين ، لم يلحق بهما ، وبطل قول القافة ; لأننا نعلم خطأه يقينا . وقال أصحاب الرأي : يلحق بهما بمجرد الدعوى ; لأن الأم أحد الأبوين ، فجاز أن يلحق باثنين ، كالآباء . ولنا أن كونه منهما محال يقينا . فلم يجز الحكم به ، كما لو كان أكبر منهما أو مثلهما ، وفارق الرجلين ، فإن كونه منهما ممكن ، فإنه يجوز اجتماع النطفتين لرجلين في رحم امرأة ، فيمكن أن يخلق منهما ولد ، كما يخلق من نطفة الرجل والمرأة ; ولذلك قال القائف لعمر : قد اشتركا فيه . ولا يلزم من إلحاقه بمن يتصور كونه منه ، إلحاقه بمن يستحيل كونه منه ، كما لم يلزم من إلحاقه بمن يولد مثله لمثله إلحاقه بأصغر منه .

التالي السابق


الخدمات العلمية