صفحة جزء
( 6130 ) مسألة قال : ( فإذا مضت أربعة أشهر ورافعته ، أمر بالفيئة ، والفيئة الجماع ) وجملة ذلك أن المولى يتربص أربعة أشهر ، كما أمر الله تعالى ، ولا يطالب فيهن ، فإذا مضت أربعة أشهر ، ورافعته امرأته إلى الحاكم ، وقفه ، وأمره بالفيئة ، فإن أبى أمره بالطلاق ، ولا تطلق زوجته بنفس مضي المدة . قال أحمد في الإيلاء : يوقف ، عن الأكابر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ; عن عمر شيء يدل على ذلك ، وعن عثمان ، وعلي وجعل يثبت حديث علي . وبه قال ابن عمر ، وعائشة . وروي ذلك عن أبي الدرداء . وقال سليمان بن يسار : كان تسعة عشر رجلا من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم يوقفون في الإيلاء .

وقال سهيل بن أبي صالح : سألت اثني عشر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فكلهم يقول : ليس عليه شيء ، حتى يمضي أربعة أشهر ، فيوقف ، فإن فاء ، وإلا طلق . وبهذا قال سعيد بن المسيب ، وعروة ، ومجاهد ، وطاوس ، ومالك ، والشافعي ، وإسحاق ، وأبو عبيد ، وأبو ثور ، وابن المنذر . وقال ابن مسعود ، وابن عباس ، وعكرمة ، وجابر بن زيد ، وعطاء ، والحسن ، ومسروق ، وقبيصة ، والنخعي ، والأوزاعي ، وابن أبي ليلى ، وأصحاب الرأي : إذا مضت أربعة أشهر ، فهي تطليقة بائنة . وروي ذلك عن عثمان ، وعلي ، وزيد ، وابن عمر ، وروي عن أبي بكر بن عبد الرحمن ، ومكحول ، والزهري ، تطليقة رجعية .

ويحكى عن ابن مسعود أنه كان يقرأ { : فإن فاءوا فإن الله غفور رحيم } . ولأن هذه مدة ضربت لاستدعاء الفعل منه ، فكان ذلك في المدة كمدة العنة . ولنا قول الله تعالى { : للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر فإن فاءوا فإن الله غفور رحيم } . وظاهر ذلك أن الفيئة بعد أربعة أشهر ; لذكره الفيئة بعدها بالفاء المقتضية للتعقيب ، ثم قال { : وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم } . ولو وقع بمضي المدة ، لم يحتج إلى عزم عليه ، وقوله { : سميع عليم } يقتضي أن الطلاق مسموع ، ولا يكون المسموع إلا كلاما ، ولأنها مدة ضربت له تأجيلا ، فلم يستحق المطالبة فيها ، كسائر الآجال ، ولأن هذه مدة لم يتقدمها إيقاع ، فلا يتقدمها وقوع ، كمدة العنة .

ومدة العنة حجة لنا ; فإن الطلاق لا يقع إلا بمضيها ، ولأن مدة العنة ضربت له ليختبر فيها ، ويعرف عجزه عن الوطء بتركه في مدتها ، وهذه ضربت تأخيرا له وتأجيلا ، ولا يستحق المطالبة إلا بعد مضي الأجل ، كالدين .

التالي السابق


الخدمات العلمية