صفحة جزء
باب السلم في المرض ( قال رحمه الله ) : وإذا أسلم المريض عشرة دراهم في كر يساوي عشرة إلى أجل معلوم ، وقبض الدراهم ، ثم مات رب السلم وعليه دين محيط بماله 0 ولم يحل ، فالمسلم إليه بالخيار إن شاء رد الدراهم ونقض السلم ، وإن شاء أدى الكر كله حالا ; لأن المريض حابى بالأجل ، فقد بينا أن الوصية بالأجل بمنزلة الوصية بالمال في الاعتبار من الثلث بعد الدين ، والدين محيط بتركة الميت هنا فلا يمكن تنفيذ الأجل للمسلم إليه ، قد تغير عليه شرط عقده بذلك فثبت له الخيار ، وإن كان الكر قد حل قبل موت رب السلم ، أو مات المسلم إليه قبل موت رب السلم حتى حل الأجل بموته فلا خيار له ولا لورثته هنا ، ولكن يجبرون على أداء الكر ; لأنه لم يتغير موجب العقد هنا .

ولو كان أسلم عشرين درهما في كر يساوي عشرة وعليه دين عشرة ، فالمسلم إليه بالخيار إن شاء رد الدراهم ونقض السلم ، وإن شاء أدى الكر ورد من رأس ماله ستة وثلاثين ; لأن المحاباة هنا حصلت بالمال والأجل جميعا فتعتبر من الثلث بعد الدين ، والثلث بعد الدين ثلاثة دراهم وثلث فذلك القدر سلم للمسلم إليه بالوصية ويثبت له الخيار لتغير شرط العقد عليه ، فإذا اختار الإمضاء أدى الكر حالا ; لأن وصيته نفذناها من ثلث المال فلا يسلم له شيء من الأجل فيؤدي الكر حالا ويرد من رأس المال ستة وثلاثين حتى يقضى الدين بعشرة ويسلم للورثة ستة وثلثان ، قد نفذنا الوصية في ثلاثة وثلث ، ولا حاجة إلى نقض العقد هنا في شيء لما أمكن رد بعض رأس المال من غير أن يؤدي إلى الربا بخلاف الإقالة وبيع الكر بالكر على ما بينا .

فلو كان أسلم خمسين درهما في كر يساوي ثلاثين وعليه دين عشرون ، فإن شاء المسلم إليه نقض السلم ، وإن شاء رد الكر وأدى عشرة دراهم من رأس المال ; لأنه حاباه بقدر عشرين من رأس المال ، فيسلم له من ذلك قدر الثلث بعد الدين ، وذلك عشرة وثبت الخيار له لتغير شرط العقد عليه ، فإذا اختار إمضاء العقد أدى الكر ورد عشرة دراهم من رأس المال فيقضى دينه [ ص: 79 ] عشرون درهما ، ويبقى للورثة عشرون ، قد نفذنا الوصية في عشر فاستقام ، ولو كان السلم مائة درهم في كر يساوي خمسين وعليه دين أربعون ، فإن شاء المسلم إليه نقض السلم ، وإن شاء أدى الكر ورد ثلاثين رأس المال ; لأنه يسلم له بالوصية الثلث بعد الدين ، وذلك عشرون ويثبت له الخيار لتغير شرط العقد ، فإذا اختار إمضاء العقد أدى الكر ورد ثلاثين من رأس المال حتى يقضى دينه بأربعين ويسلم للورثة أربعون ، قد نفذنا الوصية في عشرين وفي الحاصل يسلم للمسلم إليه قيمة كره وثلث تركة الميت بعد الدين ورد ما زاد على ذلك من رأس المال

التالي السابق


الخدمات العلمية