الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
ولو أعتق المريض عبدا قيمته ثلثمائة فتعجل المولى من العبد جميع القيمة فأكلها ، ثم مات العبد وترك خمسمائة درهم ولا وارث له غير ابنته ومولاه ، فالوصية من ذلك مائة درهم ; لأن ما ترك العبد صار ميراثا بين الابنة والمولى نصفين ، فمال المولى عند موته مائتان وخمسون ، وبعد طرح سهم الدور يقسم ذلك أخماسا الوصية للعبد خمسا ذلك ، وذلك مائة درهم ، فتبين أن المولى أخذ من العبد مائة زيادة على حقه ، فيكون ذلك دينا عليه فيضم ذلك إلى تركة العبد ، وهو خمسمائة فيصير ستمائة بين الأخت ، والمولى نصفين ، لكل واحد منهما ثلاثمائة فيحسب للمولى ما عليه ، وذلك مائة ويأخذ ورثته مائتين من الابنة فيسلم للابنة ثلاث مائة ، ولو كان المولى تعجل من العبد ثلثي قيمته فأكلها ، ثم مات العبد وترك خمسمائة فالوصية هنا عشرون ومائة ; لأنه يدفع للمولى مائة درهم من هذه الخمسمائة ، ونصف ما بقي بطريق الميراث فيكون مال المولى ثلاث مائة ، وبعد طرح سهم الدور من هذه الثلاثمائة تكون أخماسا الوصية للعبد خمساها ، وذلك مائة وعشرون فتبين أن السعاية على العبد كانت مائة وثمانين ، قد أخذ المولى مائتين فمقدار عشرين من ذلك دين عليه يضم إلى الخمسمائة ويجعل ذلك بين الابنة والمولى نصفان لكل واحد منهما مائتان وستون فيحتسب للمولى ما عليه وذلك عشرون ويأخذ من الخمسمائة ما بقي وأربعين ، ويسلم للابنة مائتان وستون ، ولو كان عجل مائة درهم فاستهلكها كانت الوصية أربعين ومائة ; لأنه يدفع للمولى من الخمسمائة ما بقي من قيمة العبد ، وذلك مائتان ونصف ما بقي بالميراث فيكون ثلاث مائة وخمسين ، الوصية للعبد خمسا ذلك باعتبار طرح سهم الدور ، وذلك مائة وأربعون ، فظهر أن السعاية عليه مائة وستون ، قد أخذ مائة درهم ، يبقى على العبد من السعاية ستون درهما ، فيأخذ المولى ذلك من الخمسمائة ونصف ما يبقى بالميراث ، وذلك مائتان وعشرون فيسلم لورثته مائتان وثمانون ، قد نفذنا الوصية في ثمانية وأربعين ، فاستقام .

ولو لم يؤد العبد شيئا من السعاية حتى مات ، وترك خمسمائة كانت الوصية ستين ومائة درهم ; لأن المولى يرفع قيمة العبد من تركته وذلك ثلثمائة ونصف ما بقي بالميراث ، فيكون [ ص: 78 ] ماله أربعمائة : خمساها للعبد بطريق الوصية ، وذلك مائة وستون درهما ، فظهر أن السعاية على العبد مائة وأربعون فيأخذها ورثة المولى من الخمسمائة ، يبقى ثلاث مائة وستون ، بين الابنة والمولى نصفان ، للمولى من ذلك مائة وثمانون ، فيصير في أيديهم ثلاث مائة وعشرون ، قد نفذنا وصية العبد في مائة وستين فاستقام الثلث والثلثان والله أعلم بالصواب .

التالي السابق


الخدمات العلمية