صفحة جزء
( رجل ) استودع رجلين جارية فباع أحدهما نصفها الذي في يده فوقع عليها المشتري فولدت له ، ثم جاء سيدها : ( قال ) : يأخذها وعقرها ، وقيمة الولد ; لأن المستولد مغرور ، فإن قيام الملك له في نصفها كقيام الملك له في جميعها ، في صحة الاستيلاد ، ولو كان الملك له في جميعها ظاهرا ، كان يتحقق الغرر ، فكذلك في نصفها . وولد المغرور حر بالقيمة . ثم رد قيمة الولد كرد عين الولد في جبر نقصان الولادة به فإن لم يكن في قيمة الولد وفاء بالنقصان : أخذ تمام ذلك من المشتري ; لأن المشتري كان غاصبا لها في حق مالكها ، فيكون ضامنا لما حدث من النقصان في يده ، ثم يرجع المشتري على البائع بالثمن ، وبنصف قيمة الولد ; لأن البائع إنما ملكه نصفها ، ولو ملكه كلها رجع عليه بجميع قيمة الولد ، إذا ظهر الاستحقاق ، فالجزء معتبر بالكل . وأما الرجوع بالثمن فلانفساخ البيع بسبب الاستحقاق ، وإن شاء رب الجارية ضمن [ ص: 128 ] البائع نصف النقصان ; لأنه كان أمينا في نصفها ، وقد تعدى بالبيع والتسليم .

ألا ترى أنها لو هلكت كان له أن يضمن البائع نصف قيمتها ، فكذلك إذا فات جزء منها بالولادة .

فإن لم يعلم أن الجارية لهذا الذي حضر إلا بقول المستودعين لم تقبل شهادتهما في ذلك ; لأن البائع منهما مناقض في كلامه ، والآخر قد تملك عليه المستولد نصيبه أيضا بالضمان ; فلا تقبل شهادتهما على إبطال ملك ثابت للمستولد عليهما ، ولكن الجارية أم ولد للمشتري ، باعتبار الظاهر ، ويضمن لشريكه نصف قيمتها ، ونصف عقرها فيدفعه إلى شريكه فيها ، كما هو الحكم في جارية مشتركة بين شريكين يستولدها أحدهما .

( فإن قيل ) : كيف يغرم للشريك هنا ، وهو يأبى ذلك ، ويزعم أنها مملوكة لغيره ؟ ( قلنا ) : نعم ، ولكنه صار مكذبا في زعمه شرعا حين كانت الجارية أم ولد للمشتري ; فلهذا سقط اعتبار زعمه .

التالي السابق


الخدمات العلمية