مواهب الجليل في شرح مختصر خليل

الحطاب - محمد بن محمد بن عبد الرحمن الرعينى

صفحة جزء
، وقال ابن بشير في أول كتاب الصرف من التنبيه : البيع بالقول الكلي يطلق على نقل الملك بعوض ، لكن المملوك لا يخلو من أن يكون منافع أو عينا ، ونعني بالعين كل ذات مشار إليها ، والمنافع إن كانت أبضاع النساء سمي العقد عليها نكاحا ، وإن كانت غير ذلك سمي أيضا على الإطلاق إجارة ا هـ .

وقد أطلق صاحب التنبيهات وغيره البيع على الإجارة ، وقال في كتاب الغرر من المدونة : من قال أبيعك سكنى داري سنة فذلك غلط في اللفظ وهو كراء صحيح فعلم من هذا أن للبيع إطلاقين أعم وأخص ، وسيأتي ذلك في كلام ابن عرفة رحمه الله . فالأعم يشمل النكاح والصرف والسلم والإجارة وهبة الثواب ، والأخص لا يشمل إلا البيع ، وباعتبار هذا الإطلاق الأخص غلط في [ ص: 225 ] المدونة من أطلق البيع على الكراء في اللفظ وجعله كراء صحيحا بالنظر للمعنى الأعم ، لكن إطلاق البيع على هذا المعنى غير مستعمل في عرف الفقهاء غالبا فلذلك أخرج ابن عرفة النكاح والإجارة من حد البيع بالمعنى الأعم فقال : البيع الأعم عقد معاوضة على غير منافع ولا متعة لذة ، فتخرج الإجارة والكراء والنكاح وتدخل هبة الثواب والصرف والمراطلة والسلم ، وتدخل فيه المبادلة والإقالة والتولية والشركة في الشيء المشترى أعني تولية البعض ، والقسمة على القول بأنها بيع كالشركة في الأموال ، والأخذ بالشفعة لصدق حد البيع الأعم عليها ، ولا تدخل الشفعة نفسها ; لأنها استحقاق الشريك أخذ حصة شريكه التي باعها بثمنها ، ثم قال : والغالب عرفا أخص منه بزيادة ذي مكايسة أحد عوضيه غير ذهب ولا فضة معين غير العين فيه فتخرج الأربعة ، ويعني بالأربعة هبة الثواب والصرف والمراطلة والسلم ، فتخرج منه هبة الثواب بقوله : ذو مكايسة ، والمكايسة : المغالبة ، قال في الصحاح : كايسته فكسته أي غلبته ، وهو يكايسه في البيع ا هـ . والمماكسة قريب من المكايسة ، قال في المحكم : تماكس المتبايعان تشاحا ا هـ . ويخرج الصرف والمراطلة بقوله : أحد عوضيه غير ذهب ولا فضة ، ويخرج السلم بقوله : معين غير العين فيه ; لأن غير العين في السلم لا يكون معينا ، بل إنما يكون في الذمة ، ولا يدخل في حده للبيع سلم العوض في عرض ; لأن غير المعين الذي هو العوضان لم يتعينا ، وإنما يتعين أحدهما الذي هو رأس مال السلم فصدق فيه أنه لم يتعين فيه غير العين أي جميعه ، وإنما يتعين فيه بعضه والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية