صفحة جزء
آ . (8) قوله : أفمن : موصول مبتدأ . وما بعده صلته ، والخبر محذوف . فقدره الكسائي تذهب نفسك عليهم حسرات لدلالة " فلا تذهب " عليه . وقدره الزجاج وأضله الله كمن هداه . وقدره غيرهما : كمن لم يزين [ ص: 214 ] له ، وهو أحسن لموافقته لفظا ومعنى . ونظيره : أفمن كان على بينة من ربه ، أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى .

والعامة على " زين " مبنيا للمفعول " سوء " رفع به . وعبيد بن عمير " زين " مبنيا للفاعل وهو الله تعالى ، " سوء " نصب به . وعنه " أسوأ " بصيغة التفضيل منصوبا . وطلحة " أمن " بغير فاء .

قال أبو الفضل : " الهمزة للاستخبار بمعنى العامة ، للتقرير . ويجوز أن يكون بمعنى حرف النداء ، فحذف التمام كما حذف من المشهور الجواب . يعني أنه يجوز في هذه القراءة أن تكون الهمزة للنداء ، وحذف التمام ، أي : ما نودي لأجله ، كأنه قيل : يا من زين له سوء عمله ارجع إلى الله وتب إليه . وقوله : " كما حذف الجواب " يعني به خبر المبتدأ الذي تقدم تقريره .

قوله : " فلا تذهب " العامة على فتح التاء والهاء مسندا لـ " نفسك " من باب " لا أرينك ها هنا " أي : لا تتعاط أسباب ذلك . وقرأ أبو جعفر وقتادة والأشهب بضم التاء وكسر الهاء مسندا لضمير المخاطب " نفسك " مفعول به .

قوله : " حسرات " فيه وجهان ، أحدهما : أنه مفعول من أجله أي : لأجل الحسرات . والثاني : أنه في موضع الحال على المبالغة ، كأن كلها [ ص: 215 ] صارت حسرات لفرط التحسر ، كما قال :


3759 - مشق الهواجر لحمهن مع السرى حتى ذهبن كلاكلا وصدورا



يريد : رجعن كلاكلا وصدورا ، أي : لم تبق إلا كلاكلها وصدورها كقوله :


3760 - فعلى إثرهم تساقط نفسي     حسرات وذكرهم لي سقام



وكون كلاكل وصدور حالا قول سيبويه ، وجعلهما المبرد تمييزين منقولين من الفاعلية .

التالي السابق


الخدمات العلمية