صفحة جزء
( فإن لم يجد ) المظاهر ( ما يعتق ) وإن احتاجه لخدمته ، أو لقضاء دينه لأنه واجد حقيقة بدائع ، فما في الجوهرة : له عبد للخدمة لم يجز الصوم إلا أن يكون زمنا انتهى يعني العبد ليتوافق كلامهم ، ويحتمل رجوعه للمولى ، لكنه يحتاج إلى نقل ، ولا يعتبر مسكنه . ولو له مال [ ص: 476 ] وعليه دين مثله ، إن أدى الدين أجزأه الصوم وإلا فقولان . ولو له مال غائب انتظره . ولو عليه كفارتان وفي ملكه رقبة فصام عن إحداهما ثم أعتق عن الأخرى لم يجز ، وبعكسه جاز ( صام شهرين ولو ثمانية وخمسين ) بالهلال وإلا فستين يوما ، ولو قدر على التحرير في آخر الأخير لزمه العتق وأتم يومه ندبا ، ولا قضاء لو أفطر وإن صار نفلا ( متتابعين قبل المسيس ليس فيهما رمضان وأيام نهي عن صومها ) وكذا كل صوم شرط فيه التتابع .


( قوله : فإن لم يجد ) أي وقت الأداء لا وقت الوجوب بحر وسيأتي في الفروع ( قوله : وإن احتاجه لخدمته ) مبالغة على المفهوم ، فكأنه قال أما إن وجد تعين عتقه وإن احتاجه لخدمته ( قوله : أو لقضاء دينه إلخ ) قال في البحر : وفي البدائع : لو كان في ملكه رقبة صالحة للتكفير يجب عليه تحريرها سواء كان عليه دين ، أو لم يكن لأنه واجد حقيقة . ا هـ . وحاصله أن الدين لا يمنع تحرير الرقبة الموجودة ويمنع وجوب شرائها بمال على أحد القولين . ا هـ . ( قوله : يعني العبد ) أي إن الضمير في قوله " يكون زمنا " راجع للعبد ، وهذا التأويل لصاحب البحر ، وتبعه في النهر والمنح والشرنبلالية ( قوله : ويحتمل إلخ ) هذا هو المتبادر ، فإن كونه للخدمة ينافي كونه زمنا ( قوله : لكنه يحتاج إلى نقل ) أي لأن ما في الجوهرة محتمل ، وعارضه ما في التتارخانية من قوله ومن ملك رقبة لزمه العتق وإن كان يحتاج إليها . ا هـ . وكذا قول البدائع لأنه واجد حقيقة أي فإن النص دل على إجزاء الصوم عند عدم الوجدان ، وهذا واجد .

فإن قلت : المحتاج إليه كالعدم ولذا جاز التيمم مع وجود الماء المحتاج إليه للعطش مع أن إجزاء التيمم مرتب في النص على عدم وجدان الماء .

قلت : ذكر في الفتح أن الفرق عندنا أن الماء مأمور بإمساكه لعطشه واستعماله محظور عليه ، بخلاف الخادم . ونقل ط عن السيد الحموي ولو قيل بجواز الصوم إذا كان المولى زمنا لا يجد من يخدمه إذا أعتقه كان له وجه وجيه . فإيجاب إعتاقه مع ذلك مما يخالف قواعد الشريعة ، فلا يحتاج إلى نقل بخصوصه كما لا يخفى ( قوله : ولا يعتبر مسكنه ) أي لا يكون به قادرا على العتق فلا يتعين عليه بيعه وشراء رقبة بل يجزئه الصوم لأنه كلباسه ولباس أهله خزانة ، وتقييدهم بالمسكن يفيد أنه لو كان له بيت غير مسكنه لزمه بيعه . وفي الدر المنتقى : ولا تعتبر ثيابه التي لا بد له منها . ا هـ .

ومفاده لزوم بيع ما لا يحتاجه منها ط ( قوله : ولو له مال إلخ ) أي ثمن عبد فاضلا عن قدر كفايته . [ ص: 476 ] لأن قدرها مستحق الصرف فصار كالعدم ومنها قدر كفايته لقوت يومه لو محترفا وإلا فقوت شهر بحر . والحاصل أن المسألة على ثلاثة أوجه : إن ملك الرقبة لا يجزئه الصوم ولو محتاجا إليها على ما مر تفصيله ، وإن وجد غيرها مما هو مشغول بحاجته الأصلية كالمسكن فهو بمنزلة العدم لأنه ليس عين الواجب ولا معدا لتحصيله ; وإن وجد ما أعد لتحصيله كالدراهم والدنانير وهو مشغول بحوائجه الأصلية ، فإن صرفها إليه يجزئه الصوم لتحقق عجزه وإلا فقولان : أحدهما أنه يصح بمنزلة المعدوم لحاجته إليه ، والآخر أنه مالك لما أعد لتحصيله ، فهو واجد للرقبة حكما أفاده الرحمتي ، والقولان المذكوران يشير إليهما كلام محمد كما أوضحه في البحر ( قوله : ولو له مال غائب انتظره ) أي ليعتق به ، ولا يجزئه الصوم ، وكذا لو كان مريضا مرضا يرجى برؤه فإنه ينتظر الصحة ليصوم بحر ، بخلاف ما إذا كان لا يرجى برؤه فإنه يطعم كما سيأتي ، وفي البحر عن المحيط : لو له دين لا يقدر على أخذه من مديونه يجزئه الصوم ، وإن قدر فلا ، وكذا لو وجبت عليها كفارة وقد تزوجها زوجها على عبد وهو قادر على أدائه إذا طالبته ا هـ ( قوله : لم يجز ) أي الصوم عن الأولى ، أما الإعتاق فجائز مطلقا ، ثم هذا ذكره في البحر بحثا ، وأقره عليه في النهر والمقدسي أخذا مما في المحيط : عليه كفارتا يمين وعنده طعام يكفي لإحداهما فصام عن إحداهما ثم أطعم عن الأخرى لا يجوز صومه لأنه أطعم وهو قادر على التكفير بالمال ( قوله : بالهلال ) حال من لفظ الشهرين المقدر بعد " لو " ، وفي بعض النسخ لو بالهلال .

وحاصله أنه إذا ابتدأ الصوم في أول الشهر كفاه صوم شهرين تامين ، أو ناقصين ، وكذا لو كان أحدهما تاما والآخر ناقصا ( قوله : وإلا ) أي وإن لم يكن صومه في أول الشهر برؤية الهلال بأن غم ، أو صام في أثناء شهر فإنه يصوم ستين يوما . وفي كافي الحاكم وإن صام شهرا بالهلال تسعة وعشرين وقد صام قبله خمسة عشر وبعده خمسة عشر يوما أجزأه ( قوله : ولو قدر إلخ ) أفاد أن المراد بعدم الوجود - في قوله " فإن لم يجد إلخ " - عدم مستمر إلى فراغ صوم الشهرين بحر ( قوله : لزمه العتق ) وكذا لو قدر على الصوم في آخر الإطعام لزمه الصوم وانقلب الإطعام نفلا شرنبلالية ( قوله : وإن صار نفلا ) لأنه شرع مسقطا لا ملتزما منح ، أي وقد علم أن الظان لا يلزمه الإتمام إن قطع على الفور ; أما لو مضى عليه ولو قليلا صار بمنزلة الشروع في النفل فيلزمه إتمامه رحمتي ، لكن يشترط كون المضي عليه في وقت النية إذ لو كان بعد الزوال لا يمكنه الشروع ولا يكون العزم على المضي بمنزلة الشروع كما قررناه في الصوم ( قوله : ليس فيهما رمضان إلخ ) لأنه في حق الصحيح المقيم لا يسع غير فرض الوقت ، أما المسافر فله أن يصوم عن واجب آخر . وفي المريض روايتان كما علم في الأصول في بحث الأمر ، والمراد بالأيام المنهية يوما العيد وأيام التشريق لأن الصوم بسبب النهي فيها ناقص فلا يتأدى به الكامل . وأفاد أنه لا يشترط أن لا يكون فيها وقت نذر صومه لأن المنذور المعين إذا نوى فيه واجبا آخر وقع عما نوى ، بخلاف رمضان بحر وصورة عروض يوم الفطر عليه فيما لو كان مسافرا وصام رمضان عن كفارته ( قوله : وكذا كل صوم إلخ ) ككفارة قتل وإفطار ويمين . [ ص: 477 ] وفي البحر عن أيمان الفتح : وكالمنذور المشروط فيه التتابع معينا ، أو مطلقا بخلاف المعين الخالي عن اشتراطه فإن التتابع فيه وإن لزم لكن لا يستقبل إذا أفطر فيه يوما كرجب مثلا فإنه لا يزيد على رمضان ، وحكمه ما ذكرناه .

التالي السابق


الخدمات العلمية